أطلقت البنوك السعودية الأسبوع الماضي، حملتها التوعوية في نسختها الحادية عشرة بعمليات الاحتيال المالي وسبل الوقاية تحت شعار «وعيك يحميك». هدفت الحملة في نسختها الجديدة هذا العام إلى تعزيز الوعي العام لدى أفراد المجتمع كافة، وعملاء البنوك خاصة بالمستجدات والمتغيرات في أنماط وأساليب الاحتيال المالي وسبل الوقاية منها، بما في ذلك المخاطر المترتبة عن هذا النوع من الاحتيال، وبالذات وأن الاحتيال المالي يُعد بوابة وجسرا للدخول في عمليات غسل أموال لإخفاء حقيقة الأموال المتحصلة من عمليات الاحتيال المالي. ركزت الحملة هذا العام على أربعة محاور رئيسة تلخص المحور الأول في استغلال جائحة كورونا من قبل المحتالين في السرقة والاستيلاء على أموال الضحايا، في حين ركز المحور الثاني على التعريف بأبرز أشكال وأنماط الاحتيال المنتشرة بشكل كبير مقارنة بغيرها، والمحور الثالث تناول مخاطر التعامل مع شركات تجارة العملات، أو ما يعرف بتجارة "الفوركس" مع الشركات غير المرخصة والوهمية، وأخيراً ركز المحور الرابع والأخير على شرح واستعراض مخاطر الاستثمارات الوهمية بغرض تحقيق المكاسب المالية الفورية واللهث وراء الثراء السريع. دون أدنى شك بأن الاحتيال المالي أصبح يشكل تحدياً كبيراً لجميع المؤسسات المالية دون استثناء بما في ذلك الأفراد والمؤسسات التجارية، وبالذات في ظل انتشار وسائل التقنية الحديثة ووسائل الاتصال اللاسلكية التي أصبحت تُشكل هاجسا، وتُعد بمثابة سلاح ذي حدين، كونها من الناحية الإيجابية سهلت على الناس التواصل بسرعات فائقة، وأيضاً استفادت منها جهود مكافحة الاحتيال المالي وسرقة الأموال والاستيلاء عليها من خلال الانتقال من التعامل النقدي إلى التعامل الإلكتروني على مستوى المدفوعات، ولكنها في نفس الوقت استغلت هذه التقنيات من قبل المحتالين في تعزيز قدراتهم الاحتيالية بما في ذلك استخدام ما يعرف بالهندسة الاجتماعية "Social Engineering " للوصول إلى ضحاياهم بأسهل الطرق وأسرعها على الإطلاق باستخدام برامج خبيثة وحواسيب زهيدة الثمن وماسحات بصرية وخلافه لإيهام وخداع الضحايا بصحة ما يتداولونه مع رسائل وهمية واحتيالية، بما في ذلك مستندات مزيفة ومزورة. ولكن رغم تلك التحديات، برأيي أن مسؤولية التصدي للاحتيال المالي بما في ذلك عمليات غسل الأموال، تتطلب تكاتف جهود جميع مكونات المجتمع بمختلف فئاته، من أفراد وأسر وجهات مالية ومصرفية وأمنية، وبالتالي هي مسؤولية تشاركية لا يمكن لجهة ما أن تقوم بالحماية بمفردها بمعزل عن الجهات الأخرى. وقد كررت البنوك السعودية في عدة مناسبات ولقاءات بأن على العملاء تقع مسؤولية في حماية بياناتهم البنكية ومعلوماتهم الشخصية، وعدم التفريط فيها وإفشائها للآخرين، هذا بالإضافة إلى عدم التجاوب مع الرسائل سواء النصية أم الإلكترونية التي تصدر من جهات مجهولة المصدر تطلب الإفصاح عن البيانات البنكية والمعلومات الشخصية، بحجة تحديث البيانات، مؤكدة في هذا الخصوص على أن البنوك لا تتواصل مع عملائها في هذا الشأن سوى من خلال شبكة الفروع والقنوات الرسمية للبنك. لعلي أقترح تبني فكرة تنفيذ حملة توعوية وطنية على مستوى المملكة لتمتد وتستمر مثلاً على مدى أسبوع، تشارك فيها جميع الجهات ذات العلاقة بالتوعية بأنماط الاحتيال المالي وسبل الوقاية بما في ذلك عمليات غسل الأموال، لتشمل مشاركة الأجهزة الأمنية المعنية، والجهات المالية، واللجان المتخصصة، بما في ذلك وسائل الإعلام، لنضمن بذلك وصول الرسالة التوعوية بشكل جماعي وتشاركي إلى جميع أفراد المجتمع بلا استثناء، ولنضمن أيضاً أن تكون بيئتنا المالية وبيئتنا الاستثمارية خاليتين بإذن الله من عمليات الاحتيال المالي وعمليات غسل الأموال.