البحث عن سبل العيش بسلام مطلب الشعوب المعاصرة، فالكل ينشد السلم والأمن والأمان، قد يختلط الأمر على البعض من خلال إقامة علاقات مع إسرائيل تحديدا، في حين أن ما حدث وما يستجد تطبيع للعلاقات وليس للقناعات - إن جاز التعبير - تهويل المواقف والتخوين والأحكام الاستباقية المتشائمة بمثابة الماء العكر الذي يصطاد من خلاله من يرغب في تعكير الأجواء والحكم على النوايا، على حين أن تحقيق السلام يعد مطلباً مهماً للشعوب المعاصرة لتحقيق أهدافها في جو آمن مستقر وانعكاس أثره بطبيعة الحال على التشكيل المعنوي للأفراد، فضلاً عن توافر المناخ الملائم لتفعيل القدرات واستثمار الإمكانات والطاقات، البيئة المستقرة الآمنة محفزة لتحقيق سبل العيش الكريم، هناك مثل مصري دارج يقول: (اللي تغلب به العب به) وهذا في تقديري ما حققه الرئيس الراحل أنور السادات - رحمه الله -، فكان يتمتع بالفطنة والدهاء وبقدر كبير من مهارات التفاوض، حقق ما لم تحققه الحروب المستعرة بين العرب وإسرائيل طوال عقود، مصر أقامت علاقات مع إسرائيل ولم ولن تتخلى عن القضية الفلسطينية، الأردن، الإمارات العربية المتحدة كذلك، فقضية فلسطين في وجدان كل عربي ومسلم هي أمانة في أعناق العرب والمسلمين، وليست مكانا للمزايدة على صدق التوجه والانتماء، بل إن العلاقات باتت تشكل ضغطا على إسرائيل في إطار تفعيل الأطر القانونية واستمالة الرأي العام العالمي بل حتى الإسرائيلي إلى حيث الحق الذي لا مراء فيه وفقاً لصحة وسلامة المنطق المؤدي بنهاية الأمر إلى التجاوب متى ما أضحى التأثير مسارا موضوعيا يعزز من إحقاق الحق طال الزمن أو قصر، مصر والأردن ما فتئا يستغلان العلاقات للضغط على الجانب الإسرائيلي، وفي ذات السياق فإن وحدة الكلمة تجسد القوة التي من خلالها يتم تفعيل مبادرة السلام العربية الإسرائيلية وترجمتها واقعاً على الأرض، في حين تسعى الحكومات جاهدة لتحقيق هذه الأهداف النبيلة لإدراكها مدى ارتباط الاستقرار بالاقتصاد وتشجيع الاستثمارات، ما يعزز من توافر فرص العمل والنهوض الخلاق على جميع الأصعدة، ولا ريب أن طريق السلام بحاجة إلى وسائل احترافية تمكنه من بسط نفوذه وفرض رؤاه وفقاً للأطر المنطقية المنصفة بمعزل عن تعنت أو تزمت أو هروب من الواقع، عمق الرسالة السماوية هي بناء الأرض وإعمارها، الحوارات الفاعلة والداعمة لسعادة البشر تتطلب العون من رب العالمين في إحلال البركة على العالم أجمع، ليترك الصالحون بصماتهم المضيئة تنضح إشراقاً كلما أسهموا في زيادة حيز الخير وتناقلتها الأجيال ولما ستخلفه من معالم إنسانية رفيعة ترنو إلى إسعاد البشر وبناء الأرض وإعمارها في جو تسوده الألفة وروح التعاون، إن الوقت قد حان للإدارة الدولية لبسط النفوذ المنطقي والموضوعي وتفعيل تحقيق سلام شامل وبموجب الالتزام الأدبي والأخلاقي تجاه منح الشعوب المحبة للسلام حقوقها المعنوية والاعتبارية التي تحفظ لها سلامها وكرامتها من خلال المعايير المنصفة، وهذا ما يتمناه الجميع ويعيش من أجله الجميع، بدون تحيز والإصغاء لصوت الحكمة وتحكيم العقل بعيداً عن الانفعال ومصادرة الهدف بسوء استخدام الوسائل. إن الحوارات الداعمة لسعادة البشر ما هي إلا جسر لطلب عون رب العالمين في إحلال البركة وأساس هذا ومرتكزه الرئيس هو الإنصاف في العلاقة الإنصاف في المشاعر، الإنصاف في التفاعل الصادق مع القضايا المختلفة، فبالعدل والإنصاف ستحل البركة بإذن الله على العالم أجمع، وستظل الرموز المخلصة مصدر اعتزاز وفخر الجميع، ليترك الصالحون بصماتهم المضيئة تنضح إشراقاً، كلما أسهموا في زيادة حيز الخير الذي يتسع للجميع ويستحقه الجميع.