الرئيس الصيني السابق السيد دنغ شياو بنغ، الذي كان رئيساً للصين في الفترة ما بين العامين 1978 و1992 وتبنى مفهوم اقتصاد السوق، يرى أن الصين تحتاج إلى نصف قرن لاستكمال عملية التحديث والسيطرة السياسية والاقتصادية. بعد ثمانية أعوام من الآن، أي في العام 2028، يكون مرّ على مقولة السيد دنغ خمسون عاماً، فهل تصدق هذه النبوءة، وتتحول الصين القوة السياسية والاقتصادية في العالم؟ وهل هذا ما دفع الولاياتالمتحدة الأميركية، وتحديداً رئيسها السيد ترمب، أن تقوم قائمتها ولا تهدأ تجاه الصين؟ والأهم من ذلك، ما موقفنا نحن، وما قراءتنا لحدث كبير مثل هذا قد يحدث قريباً؟ لا أحد يشك أن ما كان يراه الرئيس الصيني السيد دنغ، وتحديداً في جانبه الاقتصادي، قاب قوسين أو أدنى من التحقق، بل هو على مرمى حجر كما نقول، بالرغم من جائحة كورونا التي لم تكن الصين استثناءً من التأثر بها. قد لا يكون ذلك تحديداً مع إكمال الخمسين عاماً التي حددها الرئيس الصيني، ولكنه، بالتأكيد قريب منه. ما يجري في الولاياتالمتحدة من أوضاع سياسية واقتصادية، وما يمر به الاتحاد الأوروبي، بالرغم من أن البعض يرى أن الاتحاد نجح في الدفاع عن وحدته من خلال قرارات التحفيز المالية التي اتخذها مؤخراً، إلاّ أن المؤشرات تقول إن الأمور تسير شرقاً. هذا التحول سيؤثر كثيراً على العلاقات التجارية الدولية، بل إنه بدأ فعلاً، من خلال ما تقوم به الولاياتالمتحدة من محاولة لكبح جماح التنين الصيني، ويمتد التأثير أيضاً إلى سلاسل الإمداد والصادرات وغيرها. هذا الأمر يتزامن مع الضعف الذي بدأت تعانيه منظمة التجارة العالمية، بدءًا منذ الأزمة العالمية 2008، وما قامت به الولاياتالمتحدة من تجاوزات منذ ذلك الحين لأنظمة المنظمة وقوانينها. إن تقوية الداخل من خلال إيجاد صناعة قوية، مع خدمات لوجستية تسهم في تمكين تلك الصناعة وتسهيل شؤونها، غدا أمراً أكثر إلحاحاً وضرورة، وهو أمر يحتاج الكثير من الدعم والتحفيز والتشجيع الحكومي، حيث هو استثمار سنجني عوائده في المستقبل، ولنا في قصة مدينتي الجبيل وينبع الدرس البليغ. وإيجاد تلك القوة الداخلية يتطلب اهتماماً بجانب العلاقات التجارية الإقليمية، وفتح الأسواق المحيطة من خلال اتفاقيات تجارية لفتح منافذ لمنتجاتنا وخدماتنا، فالتغيير الذي بدأت مؤشراته وإرهاصاته قبل جائحة كورونا، سيزداد بعد أن تهدأ الأمور، وتتجاوز الدول كورونا وتداعياتها الصحية.