قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر طارئ للمانحين أمس الأحد إن من واجب القوى العالمية دعم الشعب اللبناني بعد انفجار هائل دمر عاصمته في الوقت الذي بات فيه مستقبل البلاد على المحك. وقال ماكرون في افتتاح مؤتمر للمانحين عبر الإنترنت شارك في تنظيمه إن الأممالمتحدة يجب أن تنسق الاستجابة الدولية في لبنان. وأضاف ماكرون من منتجعه الصيفي في الريفيرا الفرنسية "على الرغم من اختلاف الآراء، فعلى الجميع أن يهب لمساعدة لبنان وشعبه.. مهمتنا اليوم هي العمل بسرعة وكفاءة لتنسيق مساعداتنا على الأرض حتى تصل في أسرع وقت ممكن إلى الشعب اللبناني". وأضاف أن عرض المساعدة شمل دعما لإجراء تحقيق مستقل ذي مصداقية في انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس والذي دفع بعض اللبنانيين إلى الدعوة لانتفاضة للإطاحة بزعمائهم السياسيين. ودمر الانفجار أحياء بأكملها وتسبب في تشريد 250 ألف شخص وهدم مؤسسات تجارية وأطاح بإمدادات الحبوب الأساسية. ومن المرجح أن تبلغ كلفة عملية إعادة إعمار بيروت مليارات الدولارات. ويتوقع اقتصاديون أن يشطب الانفجار ما يصل إلى 25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ويشعر كثيرون من اللبنانيين بالغضب من رد فعل الحكومة ويقولون إن الكارثة تسلط الضوء على إهمال نخبة سياسية فاسدة. وقال ماكرون إن من واجب المجتمع الدولي مد يد العون. وأضاف "دورنا أن نكون بجانبهم.. مستقبل لبنان على المحك". وأحجم مساعد لماكرون يوم السبت عن تحديد هدف للمؤتمر، وقال المسؤول إن المساعدات الطارئة ضرورية لإعادة البناء وللمساعدات الغذائية والإمدادات الطبية والمدارس والمستشفيات. وقال المسؤول بقصر الإليزية إن إسرائيل وإيران لم تشاركا في المؤتمر الذي عقد عبر دائرة تلفزيونية. مشاركة في التحقيق أعلن السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه الأحد أن بلاده تشارك في التحقيق الجاري حول حادث انفجار مرفأ بيروت. وأكد السفير الفرنسي، في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر"، أن "فرنسا تشارك بالتحقيق في انفجار المرفأ"، مضيفا أن 46 من رجال الشرطة والدرك يقدمون الدعم الفني للتحقيق القضائي الذي بدأه الادعاء العام اللبناني. يأتي إعلان السفير مشاركة بلاده في التحقيق في وقت أبدى فيه الرئيس اللبناني ميشال عزن رفضه لإجراء تحقيق دولي في حادث المرفأ، ونقل مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية عنه القول إن المطالبة بالتحقيق الدولي في قضية انفجار مرفأ بيروت الهدف منه تضييع الحقيقة. وأمس الأحد أكد الرئيس اللبناني أن مجابهة تداعيات انفجار مرفأ بيروت تتخطى قدرة لبنان، متعهدا أن كل من يثبت التحقيق تورطه سيحاسب وفق القوانين اللبنانية. وقال عون، في كلمته بمؤتمر الدعم الدولي لبيروت وللشعب اللبناني: "لن أطيل عليكم وأشرح ما سببته الكارثة في بيروت على جميع المستويات الانسانية والاجتماعية والصحية والتربوية والاقتصادية وتركت جروحاً في كل بيت، الزلزال ضربنا ونحن في خضم أزمات اقتصادية ومالية ونزوح بالإضافة إلى انعكاسات كورونا مما يجعل مجابهة تداعياته تتخطى قدرة هذا الوطن". وأضاف: "لا يسعني الاّ أن أثمّن عالياً باسمي وباسم الشعب اللبناني التضامن الدولي الذي تجلى بمسارعة قادة الدول والمسؤولين إلى الحضور أو الاتصال والإعراب عن التعاطف والمؤازرة في لملمة الجراح"، مشيرا إلى مبادرة الدول الشقيقة والصديقة لارسال المساعدات الانسانية والطبية الطارئة. وشدد على أن "الاحتياجات كبيرة جداً وعلينا الاسراع في تلبيتها خصوصاً قبل حلول الشتاء حيث ستزداد معاناة المواطنين الذين هم من دون مأوى وبما يتعلق بصندوق التبرعات المنوي إنشاؤه فأشدد على أن تكون إدارته منبثقة عن المؤتمر". وأكد الرئيس عون التزامه أمام شعبه بتحقيق العدالة إذ وحدها يمكن أن تقدّم بعض العزاء لأهل المفجوعين ولكل لبناني، مشيرا إلى أنه "لا أحد فوق سقف القانون وأن كل من يثبت التحقيق تورطه سوف يحاسب وفق القوانين اللبنانية". الغضب يتواصل توالت الأحد الدعوات للعودة إلى الشارع للتظاهر ضد السلطة الحاكمة غداة تظاهرات ضخمة ومواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومحتجين اقتحموا وزارات عدة مطالبين ب"الانتقام" والمحاسبة بعد انفجار مرفأ بيروت، الذي حول العاصمة إلى مدينة "منكوبة". وأمام هول الفاجعة، قدمت وزيرة الاعلام منال عبدالصمد استقالتها من الحكومة لتكون أول عضو في مجلس الوزراء يقدم على تلك الخطوة بعد الانفجار الضخم. ولا تزال عمليات البحث عن عالقين تحت أنقاض المرفأ المدمر والأحياء المتضررة مستمرة. وتناقل ناشطون الأحد على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات حملت شعارات "علقوا المشانق لأن غضبنا لا ينتهي بيوم واحد" و"لا تستسلموا". ويأتي ذلك غداة تظاهر الآلاف في وسط بيروت حاملين شعار "يوم الحساب"، مطالبين بمعاقبة المسؤولين عن الانفجار وبرحيل السلطة الحاكمة وكافة القوى السياسية التي تتحكم بالحياة السياسية في لبنان منذ عقود. وفي كلمة بثتها وسائل إعلام محلية، أعلنت وزيرة الاعلام أنه "بعد هول كارثة بيروت، أتقدم باستقالتي من الحكومة متمنية لوطننا الحبيب لبنان استعادة عافيته في أسرع وقت ممكن". وقدمت "اعتذارها" من اللبنانيين "لعدم تلبية طموحاتهم" في الحكومة التي تشكلت بداية العام الحالي. وأفادت وسائل اعلام محلية عن توجه وزراء عدة للاستقالة، فيما يحاول رئيس الحكومة حسان دياب دعوتهم إلى التريث، وفي حال استقال ثمانية وزراء من أصل 20 يشكلون مجلس الوزراء، فتعتبر الحكومة بحكم المستقيلة. وقال مصدر حكومي إن دياب اجتمع مع عدد وزراء، بينهم وزيرا الاقتصاد والدفاع. واستقال منذ الأربعاء ستة نواب من البرلمان، بينهم ممثلو حزب الكتائب الثلاثة، والذين يعارضون السلطة منذ سنوات. كما دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الأحد الحكومة التي "باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد" إلى الاستقالة.