في حج العام 1938م لم يكن خطاب المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - للمسلمين خطاباً عابراً أو شعاراً يبتغي من ورائه أي مكسب دنيوي، بل كانت تلك الكلمات مبنية على أسس لتكون انطلاقة لبداية مشرقة لعهد الخير والنماء للأمة الإسلامية جمعاء في الاهتمام بقبلتهم ومسجد رسولهم، ومن ذلك الحين والحرمان الشريفان في مقدمة أولويات القيادة والشعب السعودي.. عقب الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - أبناؤه الملوك البررة - رحمهم الله - وساروا على نهجه في جعل مكة والمدينة من الأولويات في مشروعات التطوير والتنمية في المملكة العربية السعودية، حتى تليق بالمقدسات وبخدمة ضيوف الرحمن، فبذلت في ذلك الغالي والنفيس ولم يكن سؤال الملوك دائماً لمنفذي تلك المشروعات عن التكلفة أبداً، بل عن تاريخ الانتهاء والتشديد على أهمية عدم مضايقة وإعاقة حركة الحجاج والمعتمرين.. في هذا العام الاستثنائي الذي يمر فيه العالم من انتشار لوباء تفشى في جميع دول العالم وتسبب بشلل تام للحياة وعطل كل شيء، وانقطع الناس عن بعضهم وتسبب في خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، في ظل عدم وصول العالم للقاح يطمئن الناس وتعود الحياة كما كانت، ومع ذلك اتخذت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - وبإشراف ومتابعة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - قراراً جريئاً وحكيماً في الوقت ذاته، حيث لم تعطل موسم الحج وأقامت هذه الشعيرة، وفي الوقت نفسه حافظت على النفس البشرية التي هي مقصد أساسي للشريعة الإسلامية، ولقيت في ذلك القرار تأييداً كبيراً من الدول الإسلامية وعلمائها.. نجاح باهر تحققه حكومة خادم الحرمين الشريفين في موسم حج هذا العام 2020م في ظل هذه الظروف مع جائحة كورونا، وهذا بكل تأكيد سيضاف إلى سجل النجاحات المتوالية والخبرات المتراكمة لإدارة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن، وسر هذه النجاحات عاماً بعد عام وتحت كل الظروف خلال عقود، هو توفيق الله ثم النية الطيبة من مؤسس هذه البلاد الطاهرة وصدقه مع الله، حتى أصبحت رعاية المقدسات أساساً من أساسات القيادة والشعب السعودي، وهذه نعمة تستحق الشكر بأن الله شرفنا كسعوديين في خدمة الحرمين الشريفين مبتغين في ذلك رضا المولى عز وجل، وهذا بكل تأكيد شرف عظيم بما منحه الله لنا ولقيادتنا الرشيدة، حفظها الله وأدام عزها.