أوضح الدكتور أحمد محمد اللويمي - أستاذ علم المناعة بكلية الطب البيطري بجامعة الملك فيصل سابقاً - أن العلماء يواجهون جملة من التحديات الكبيرة في إمكانية نجاح اللقاح لمكافحة فايروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، مبيناً أن المشكلة الأكبر تكمن في انتخاب المركب الأكثر فعالية في تحفيز جهاز المناعة، مشيراً إلى وجود إجماع من قبل العلماء على أن المركّب الجداري للفيروس كهدف مهم وحيوي لإنتاج مناعة، إلاّ أن الاختلاف يكمن في الآلية التي تجعل من طريقة إدخاله للجسم وفاعليته في إنتاج مناعة واقية وفعالة وطويلة الأجل. وقال: إن للمركب الجداري تركيبا بروتينيا متعدد الأوجه مما يجعل اختيار الجزء المحفز للمناعة اختيارا حساسا ودقيقا، فالاختيار بين مركب مناعي (epitope) ومركب مثير للحساسة وتداعيات مرضية تكمن المشكلة. وأضاف أن اللقاح هو مركب من جزء من الفيروس نفسه، أو الفيروس بشكل مضعف أو غير قابل للتكاثر، والغرض هو تحفيز جهاز المناعة لإنتاج مناعة عامة تعمل على خلق معوقات للإصابة في أولى مراحل التطعيم ومناعة متخصصة طويلة الأجل غرضها الاستجابة للفيروس لمنعه من الوصول إلى الجهاز التنفسي. وأشار إلى أن إنتاج لقاح لكورونا المستجد يستهدف تحقيق جملة من الأهداف المهمة: القدرة على إنتاج مناعة سائلة من خلال أجسام مضادة في الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي لإعاقة الفيروس بالالتصاق بجدران الخلايا في الشعب الهوائية، وكذلك تحفيز الجهاز المناعي لإنتاج خلايا ذاكرة قادرة على الاحتفاظ بالاستعداد للاستجابة المبكرة حال الإصابة بالفيروس أو منع احتمال إعادة الإصابة، ذاكراً أن اللقاح يعمل على منع تطور المرض لمراحل متقدمة وقاتلة في الفئة العمرية الأكثر تهديداً بالإصابة وهم كبار السن. وبيّن أنه تم رصد خمس اتجاهات في آلية إنتاج اللقاح: اختيار المادة الوراثية الرايبوكسي المرسال الخاص بالمركب الجداري وحفظه في مغلفات دهنية منتجة بتقنية النانو، إنتاج لقاح بتقنية الهندسة الوراثية كما يعرف DNA vaccine يحمل جزءاً من مورث المركب الجداري للفيروس، تحميل المركب الوراثي للفيروس في داخل المركب الوراثي لفيروس ناقل حميد (Vector)، إنتاج لقاح من فيروس كامل بتقنية تضعيف الفيروس (live attenuated)، إنتاج لقاح من كامل الفيروس غير قابل للتكاثر (Inactivated). ولفت إلى أن اللقاح المبني على أساس الفيروس الكامل يثير مضاعفات مرضية في حيوانات التجارب كالتهاب الرئتين وإتلاف للكبد، وقصر مدة المناعة المتولدة التي لن تمتد لأكثر من ستة أشهر مما يتطلب إدخال جرعات محفزة، أمّا لقاح المركب الجداري لم يثر مناعة كافية، موضحاً أنه يتطلع المختصون إلى إنتاج لقاح قادر على إنتاج أجسام مضادة بنسب عالية وبقدرة تخصصية متميزة تمكنها من إعاقة تكاثر الفيروس ومدة طويلة من المناعة الفاعلة التي تصد الإصابة، والتركيز هنا على الفئات الأكثر خطورة مثل فئات كبار السن حيث جهازهم المناعي الذي يعاني من الضعف في قابلية إنتاج أجسام مضادة بنسب عالية وإنتاج ذاكرة مناعية طويلة الأجل. وأكد على أنه وبالرغم من التجارب بفيروس كورونا المستجد على القطط والنمس والقرود إلاّ أنها لا تعبر عن الصورة الكاملة للمرض، بالتالي يتعذر تجريب اللقاح، مشيراً إلى أن لعلماء الطب البيطري تجارب طويلة مع لقاحات فيروسات كورونا التي تسبب بإصابات واسعة في مختلف الحيوانات ومن أهمها الأبقار والدواجن والقطط، وقد حاول العلماء البيطريون إنتاج لقاح فعّال لحماية هذه الحيوانات، فلقاح كورونا الأبقار غير فعّال، وأمّا لقاح كورونا القطط لم يثبت جدواه لما يتسبب من مضاعفات مرضية. وذكر أنه يواجه منتجي الدواجن مشكلة معقدة مع لقاح كورونا لفيروس التهاب الشعب الهوائية الذي له آثار مناعية وقتية سرعان ما تنتهي مما يتطلب إدخال لقاحات بمركبات جديدة.