في ظل ما تشهده الكثير من دول العالم ومنها المملكة، والمتعلقة بتفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، فقد أعادت برامج المسؤولية المجتمعية فرض نفسها بقوة، وشهدت مفهوماً أكثر تقدماً وتوسعاً وشمولاً من أجل التعاطي مع هذه الجائحة التي أثرت على كل نواحي الحياة وأعادتنا سنوات للوراء، انطلاقاً من كون المسؤولية المجتمعية تمثل إحدى دعائم الحياة المجتمعية الأكثر أهمية، حيث تقوم بدور بارز خلال الأيام الحالية عبر مساندة جهود الدولة وقدراتها على مواجهة الوباء وتبعاته. جائحة كورونا كشفت لدول كثيرة أهمية إعادة النظر في أولوياتها ومشروعاتها التنموية، وأبرزت في المقابل عدداً من المجالات التي يمكن لبرامج خدمة المجتمع المساهمة فيها، حيث عبّرت عن المسؤولية التضامنية في تعميق المشاركة المجتمعية والتأكيد على أهمية تلاحم الجميع للحفاظ على الوطن وصحة المواطنين، وترجمةً لذلك جاءت توجيهات قيادتنا الرشيدة بأن الكل مسؤول عن مواجهة هذه الجائحة، والتخفيف من آثارها بدءاً من الأفراد، مروراً بمؤسسات القطاع الخاص وقطاع الأعمال وصولاً إلى القطاع الحكومي، وذلك استشعاراً من الجميع لمسؤولياتهم تعزيزاً للمشاركة الوطنية في الأزمات والكوارث. المسؤولية الاجتماعية لشركات ومؤسسات القطاع الخاص ظهرت جلية مع هذه الأزمة، والنهج الذي نهجته كبرى شركات ومؤسسات القطاع الخاص من تشكيل جبهة داعمة لجهود مكافحة تأثيرات الوباء، وذلك عبر إطلاقها العديد من المبادرات، ولا سيما في ميدان العمل والتعليم عن بعد ودعم القطاع الصحي، أن مثل هذه المبادرات تعزز الاستقرار الاجتماعي، وتسهم في تقوية روح الشراكة والمسؤولية، وتولد شعوراً واسعاً بالعدالة الاجتماعية يترجم استقراراً مجتمعياً، وهو ما يؤكد أهمية أن يكون القطاع الخاص شريكاً في اتخاذ القرار المؤثرة على الاقتصاد والاستثمار لتجاوز الأزمات. إن العمل التطوعي هو واجب وطني وإنساني وهو الوقت الأمثل لرد الجميل لهذا الوطن الغالي، شهدت المملكة خلال الفترة الماضية مشاركة مجتمعية لافتة، بعدما تنامى شعور لدى قطاع كبير من السعوديين بمدى خطورة أزمة كورونا وعمق تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية على الفئات الضعيفة والأكثر فقراً، ويَحّق لنا في المملكة أن نفتخر بأصالة وثقافة المجتمع السعودي الذي عوّدنا على التكاتف والتعاون والثبات في أوقات الشِدّائد على مر التاريخ، ولعلنا قد شاهدنا وتابعنا العديد من النماذج التطوعية الإيجابية، التي بادر بها أبناء المملكة دون تمييزٍ بين المواطنين والمقيمين في الشدائد تتفاجأ بطاقات أبنائنا وبناتنا من خلال الأعمال التطوعية العظيمة التي يقومون بها، للتخفيف من الآثار المترتبة على تلك الجائحة.