توقع خبراء ومحللون اقتصاديون، أن يشهد أداء الميزانية تحسنا بنسبة 20% خلال النصف الثاني، مرجعين ذلك إلى تعافي أسعار النفط وزيادة الإيرادات غير النفطية وكذلك عودة الحياة الطبيعية للنشاط الاقتصادي، مشددين على أهمية محافظة الميزانية على معدل إنفاق جيد بلغ في النصف الأول 469 مليار ريال على الرغم من ضغوط جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط، وذلك من أجل دعم السيولة ومعدلات الإنفاق. وذكر المحلل الاقتصادي ناصر القرعاوي ل"الرياض"، أن الأرقام المعلنة عن الميزانية في الربع الثاني كشفت الانخفاض الحقيقي للإيرادات بمكوناتها الحكومية وغير الحكومية وبنسب صادمة مما أثر ذلك على ارتفاع العجز والمصروفات العامة، الأمر الذي يبرر تأجيل الكثير من المشاريع وخفض المصروفات الحكومية العامة، كحل جزئي لتفادي ارتفاع العجز إلى سقف غير مسيطر عليه. وأشاد بالتزام وزارة المالية بالشفافية والتوقيت في إعلان الميزانية من خلال الكشف عن التدابير الحكومية الوقائية لمعالجة وضع الاقتصاد السعودي خلال فترة الجائحة، التي كان لها أثرها القوي على الاقتصاد العالمي سواء على الإنتاج والتصدير أو الواردات والاستهلاك، مبينا، أن البترول يعتبر مصدر قلق للمملكة، كونه مصدر دخل رئيس مع انخفاض أسعاره إلى 17 دولارا. وأشار القرعاوي، إلى أن القبول بما جاء في برنامج وزارة المالية مرضي إلى حد مقبول لدى المتخصصين مع المقارنة بالدول الأخرى، معتبرا الالتزام الزمني لإعلان الموازنة وبشفافية واضحة أحد مؤشرات الرؤية 2030، مضيفا، أن بيانات وزارة المالية اتسمت بالواقعية إلى حد كبير، وهذا إجراء سليم لمعالجة الحالة الطارئة للاقتصاد العالمي متمنين زوالها لتتحسن مؤشرات الحياة العامة لدول العالم. وتوقع الخبير الاقتصادي م.عبدالله مهدي، تحسن أداء الميزانية السعودية في النصف الثاني من العام الحالي بنسبة 20% في ضوء فتح النشاط الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط وزيادة الإيرادات غير النفطية، منوها بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة تداعيات كورونا من خلال خطة محورية بلغت كلفتها أكثر من 220 مليار ريال، وكذلك تحسن أسعار النفط مرحليا إلى ما فوق الأربعين دولار حاليا وسط توقعات بأن تواصل الصعود إلى 50 دولارا للبرميل بنهاية العام الحالي، في حال جرى الالتزام باتفاق خفض الإنتاج وبقى الطلب في حدود المعدلات الراهنة. ودعا إلى البحث عن خيارات جديدة لتحسين الأداء المالي والاقتصادي من خلال تداول النفط بعملة رقمية على سبيل المثال، وذلك في ظل الضغوط التي يتعرض لها الدولار في الوقت الراهن مما أثر كثيرا على قيمته أمام سلة العملات الأخرى، مرجحا أن تحقق العملات الإلكترونية حضورا أقوى في المرحلة المقبلة، متوقعا، مزيدا من الارتفاعات للذهب خلال الأشهر المقبلة في ظل بقاء حالة عدم اليقين الراهنة بشأن احتواء فيروس كورونا، والتوقعات بان يستمر الوضع الراهن حتى نهاية العام او بدايات 2021. وشدد على أهمية الإجراءات المتخذة على صعيد ضمان الاستقرار الوظيفي ودعم القطاع الخاص من خلال تأجيل الاقساط وسداد رسوم العديد من الخدمات الأساسية، متوقعا، تجاوز نمو الاقتصاد السعودي 3% العام المقبل، بعد احتواء آثار كورونا وعودة النشاط الاقتصادي بالكامل مشددا على أهمية أن تكون الخطوات متزامنة عالميا حتى تحقق الآثار الاقتصادية والاجتماعية المنشودة سريعا. وأكد م. مهدي، على أهمية محافظة الميزانية على معدل إنفاق جيد بلغ في النصف الأول 469 مليار ريال على الرغم من ضغوط كورونا وتراجع أسعار النفط، وذلك من أجل دعم السيولة ومعدلات الإنفاق، مشيرا إلى أن المملكة عززت من حضورها الدولي خلال العام الحالى من خلال ترؤسها لمجموعة العشرين واستضافتها لعشرات الاجتماعات من اجل وضع خارطة طريق للإنقاذ، معربا عن أمله في تحسن الأوضاع وأن يؤدي ذلك إلى استضافة الرياض القمة حضوريا خلال شهر نوفمبر المقبل. بالمقابل أوضح عضو الجمعية السعودية للاقتصاد د. عبدالله المغلوث، أن تراجع أداء الميزانية للربع الثاني بنسبة 49 %، جاء نتيجة الظروف القاسية التي مر بها الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، مشيدا باستمرار النفقات في الموازنة التقديرية مع بعض التعديلات في بعض بنود الصرف وخصوصاً القطاع الصحي مع أزمة كورونا، مما ساهم كثيراً في تجاوز الأزمة الصحية. وأضاف، أن الإنفاق العالي في الميزانية تسبب في زيادة العجز المالي إلا أنه حفظ القطاع الخاص من الانهيار، فالحكومة تكفلت ومازالت تتكفل برواتب المتعطلين عن العمل للحفاظ على الوظائف ورفعت الصرف على الإعانات بنسبة 36 % والمنح بنسبة 268 %، مشيرا إلى أن حجم الدين ارتفع إلى حوالي 31 % من الناتج المحلي. وأكد المغلوث، أن المرحلة الأسوأ تم تجاوزها مع عودة الأنشطة الاقتصادية في العالم، مما يسهم في تحسن الإيرادات بدءاً من الربع الثالث، متوقعا، تعافي المملكة من آثار جائحة كورنا الاقتصادية سيكون أسرع من دول العالم، مضيفا، أن الحكومة استمرت في الإنفاق على المشاريع الاستثمارية التي تعظم العوائد المالية غير النفطية في الميزانية وكذلك ترشيد النفقات والاعتماد على المحتوى المحلي والرقابة المالية الصارمة.