ماذا تعني أيا صوفيا؟ ولماذا أحدثت تلك الجلبة السياسية والدينية لتقرر المحكمة التركية تحويلها من دار عبادة لكنيسة ثم متحف وأخيراً لمسجد؟ لنقلب صفحات التاريخ الروماني والعثماني والتركي ولنتبين حقيقة ما يُثار حولها. صوفيا هي كلمة يونانية وتعني الحكمة، بُني هذا الصرح الرائع العام 537م في عهد الإمبراطور الروماني جستينيان الأول وكانت حينها أكبر مبنى في العالم وأول من استخدم قبة معلقة بالكامل في السماء، إذ يُعتبر المبنى جوهرة وتحفة العمارة البيزنطية. ويرجع المؤرخون أهميتها الاعتبارية كونها رمزاً ثقافياً ومعمارياً وأيقونة حضارية مهمة كانت كاتدرائية ثم متحفاً علمانياً لتتحول لمسجد إسلامي. فمن هو المعماري الفريد الذي بنى أيا صوفيا؟ إنهما أشهر معماريي العصر في ذلك الوقت وهما أيسيدروس الميليتوس وأنتيميوس الترالليسي حيث قاما بترجمة أعمال العالم العظيم أرخميدس المختلفة وبدا تأثير مبادئ أرخميدس للهندسة الصلبة واضحاً على ثبات الطراز المعماري. العام 1935م حولت أيا صوفيا من مسجد إلى متحف بعد قيام الجمهورية التركية العلمانية وأخيراً العام 2020 اختار أردوغان هذا العام تحديداً ليثير الجدل ويغذي صراع الأديان وإذا صح ذلك فنحن إذاً في زمن تصادم وصراع الحضارات والأديان مع مدعي التسامح والحرية والسلام والتعايش فتحويل أيا صوفيا من متحف إلى مسجد مجددًا أحدث ردود فعل عالمية وجدلاً واسعاً ما بين مؤيد ومعارض. الإسلام يحترم كافة الديانات سواء اليهودية أو المسيحية، ومنحهم الإسلام الحرية التامة في ممارسة طقوس دينهم، ولنا في رسول الله محمد أسوة حسنة حيث عاش في مدينة جيرانه يهود بني قريظة وكان لرسول صلى الله عليه وسلم اتفاقيات وتحالفات معهم. فالإسلام دين تعايش وتسامح ومحبة وسلام والأرض يكفيها من الحروب والأوبئة التي فتكت بالبلاد والعباد. ويخطئ من يعتقد أن الإسلام يقتصر فقط على العبادة بل الإسلام خُلق ومعاملة ومنطق وتسامح وتعايش مع الأديان كافة.