الحروب بالوكالة ليست بالسلاح فقط فهناك ما هو أشدُ فتكاً من الأسلحة، فالحروب النفسية والأراجيف الاقتصادية وصناعة الإحباط وإيغار الصدور وغيرها من الأساليب التي سأتناول جزءاً بسيطاً منها هي أهداف أساسية للأعداء، والشواهد التاريخية والحالية كثيرة، اندهشت من هول ما رأيت إبّان ثورات الربيع العربي من نشاط ملحوظ لفئات كانت تؤجج الشعوب وتثير الشكوك وتناكف المسؤولين وتضلل المجتمعات وتبث الأراجيف الاقتصادية بل دأبوا على إيهام الناس أنهم ضحايا لمسؤول فاسد أو تاجر جشع! كنت أستغرب كيف تستضيف بعض الجهات الإعلامية شخصيات لها ارتباط وثيق بالأعداء وطرحهم مليء بالتضليل وصناعة الإحباط ونشر الأراجيف.. العجيب أنهم كانوا ضيوفاً دائمين خاصة في بعض البرامج الدينية أو بعض البرامج الحوارية والبعض منهم كان يملك هالة إعلامية كبيرة ونشاطاً قوياً في مواقع التواصل الاجتماعي وزاد الطين بلة أنهم إما غير متخصصين أو في طرحهم الكثير مما يثير الريبة حول نياتهم رغم أن بلادنا مليئة بالكفاءات المميزة ولكن لم تعط الفرصة كما أخذها هؤلاء! ومما سجله التاريخ حول صناعة الفتن ما يسمى بعقيدة (ابن سبأ اليهودي) الذي حرّض على قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكان ابن سبأ اليهودي يوصي أصحابه أنهم إذا جاؤوا عند العامة فالحديث يكون عن أكل الأموال وظلم الحكام، بينما يكون حديثهم عند (الخاصة) عن ضياع الدين وتبديل الشريعة والمقصود بالخاصة هم: العلماء وطلبة العلم والشيوخ والأمراء وعلية القوم، أما الشواهد الحاضرة فأبدأ بحديث الرئيس المصري الراحل حسني مبارك - رحمه الله - يقول إنه عندما قُبض على خلية مصرية في الإسكندرية اكتشفوا بعد التحقيق معهم أن جهات خارجية تدعمهم لتمرير أجندتهم وتحقيق أهدافهم التخريبية من خلال (إطار الحرية وحرية التعبير) كذلك ما ذكره القيادي المنشق من جماعة الإخوان المسلمين ثروت الخرباوي فتحدث عن قسم صناعة الأزمات، الهدف منه جعل المجتمع في حالة (ترقب، خوف، تأهب، وقلق.. واضطراب) يريدون مجتمعاً لا ينتج.. حصاراً اقتصادياً غير معلن! ويقول ثروت الخرباوي: إن الدعوة إلى التظاهرات والاعتصامات والخروج على الدولة أصبح من الماضي، فالتخطيط الجديد لجماعة الإخوان يقتضي صناعة الإحباط في المجتمع وإرجاف الاقتصاد وإيغار الصدور، هم يؤسسون لوضع الأفكار التي تؤسس للتظاهرات والخروج، ولا يدعون لها بشكل مباشر كما ذكر ذلك! أما الإخواني حسن مالك بعد القبض عليه من السلطات المصرية اعترف بأنه حصل على خطة (التصعيد الثوري الاقتصادي) لعمل حالة انكماش في الأسواق المصرية من خلال خلق مناخ تشاؤمي حول الاقتصاد المصري وضرب مناخ الاستثمار فيها من خلال فرق ومكاتب تقوم بهذه المهمة! أما بالنسبة للكويتي عبدالله النفيسي فيعترف أن الإخوان كان لهم دور كبير في نجاحه في مجلس الأمه وتلميعه إعلامياً! وفي العام 2018م رفعت ال CIA السرية عن إحدى أهم وثائقها بخصوص التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وكانت محاور التقرير: ارتباط الإخوان الوثيق بإيران، تخطيط قيادات الإخوان يتم في أوروبا، والإخوان يعملون على تجنيد المؤثرين. أما ما كشفته تسجيلات (خيمة القذافي) مؤخراً بوضوح وجلاء حجم المؤامرات القذرة على دولتنا وعلى أمن الخليج.. هكذا كانت مؤامراتهم مع القذافي فكيف بمؤامراتهم مع غيره في الداخل والخارج؟! حروبهم مستمرة على الوطن وقادته واقتصاده وعلى المخلصين من أبنائه ما بين تضخيم للسلبيات ونشر للشائعات وإرجافٍ للاقتصاد وصناعة للإحباط وتلميعٍ لمن يخدم أهدافهم سواء في الداخل أو الخارج بشكلٍ مباشر أو غير مباشر وإهمالٍ للإيجابيات الوعي الحقيقي بالوجود يتطلب بصيرة تستوعب تحولاته وهذا يتطلب منا جميعاً مسؤولية كبيرة ببذل ما نستطيع لرفع الوعي المجتمعي وأخذ الاحتياطات اللازمة كل في مجاله لدرء خطرهم الذي تنبهت له قيادة هذه الدولة المباركة مبكراً. ما أحوجنا للهدوء واستثمار العقول لصناعة محتوى راقٍ لرفع الوعي ويكون واجهة مشرفة ويواكب رؤية السعودية 2030 ويخدم أهدافها. يقول الفيلسوف فرانسيس بيكون: نحن لا نعيش إلى الأبد، كل ما لدينا هذه اللحظة الحالية فقط التي تتلألأ كالنجمة بين أيدينا.