برغم ظروف كورونا وأثرها على اقتصادات العالم، حققت المملكة خلال هذا الشهر حضوراً لافتاً في السياحة المحلية، ويعد غير مسبوق طوال الأعوام الماضية، ومن دون الإخلال بالإجراءات الصحية المطلوبة للسيطرة على الفيروس، حيث لوحظ استقرار الحالات المسجلة في مختلف مناطق المملكة منذ مطلع الأسبوع الماضي، وجاء تصريح وزير المالية محمد الجدعان للوكالات العالمية الإيجابي، ليبرهن على أثر السياحة في إنعاش حركة الاقتصاد، وليبرهن في الوقت نفسه على أهمية هذا القطاع في ظل مثل هذه الظروف، وخاصة في جانب انتعاش حركة السفر والسياحة داخليا، حيث قال: "السياحة المحلية والداخلية على سبيل المثال تنتعش بشكل طيب هذا الشهر". وهذا التصريح الذي جاء من مسؤول كبير بالدولة ومعني بشؤون اقتصادها واستراتيجيتها المالية وإنفاقها على مختلف القطاعات، يؤكد صحة مسار الاهتمام الذي توليه الدولة لهذا القطاع في السنوات الأخيرة، ووجود صناعة السياحة على رأس الأولويات للرؤية السعودية، فضلا عن تبني مشروعات سياحية وترفيهية كبرى في مختلف مناطق المملكة مثل نيوم والبحر الأحمر وأمالا والقدية، سينفق عليها المليارات لوضع بنيتها التحتية وتدشينها، ولم يتوقف العمل بها خلال هذا الأزمة العالمية التي شلت حركة اقتصاد العالم، وذلك لأهمية أثرها المستقبلي لاقتصاد المملكة ودورها المأمول في توفير عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة، كما أن السياحة عموما يعول عليها في زيادة الناتج المحلي ليصل إلى 10 % بحلول 2030 وفقاً لرؤية واستراتيجية السياحة الوطنية التي قدمت من وزارة السياحة واعتمدت من مجلس الوزراء . السياحة في مختلف دول العالم جزء مهم ومحوري للاقتصاد، ولذا فتحت عشرات الدول من العالم خلال الشهور الأخيرة، قطاعها السياحي من فنادق ومنتجعات ومزارات سياحية ومتاحف وحدائق وسواحل لتدارك الوضع ووقف الخسائر اليومية، كون أزمة كورونا ضربت هذا القطاع في مقتل، وخاصة مع توقف الملايين عن ممارسة عملهم اليومي في هذه الصناعة، وبالتالي ارتفعت البطالة وانخفضت مداخيل الأفراد والدول، وتأثر القطاع الخاص السياحي، وخاصة شركات الطيران ومنظمي الرحلات السياحية، حتى أن بعض الدول شهدت إعلان إفلاس شركات طيران وسياحية مع فترة طول الحجر الصحي ببعض الدول، وحاليا بدأت الدول السياحية مرحلة عودة حذرة ومهمة لتجاوز هذا الظرف غير المسبوق في تاريخ العالم. والمملكة في هذا الشأن تدراكت الوضع بفتح المجال للنشاط التجاري والاقتصادي، ومنها قطاعا الطيران والسياحة، وفتحت المجال في المرحلة الحالية للسياحة الداخلية، حيث أعلنت الهيئة السعودية للسياحة عن إطلاق موسم صيف السعودية "تنفس"، بالفترة من 25 يونيو وإلى نهاية سبتمبر 2020، وتواكب هذه الفترة النصف الثاني من إجازة الصيف للمدارس، وليتاح خلالها لكافة أفراد العائلة، وكذلك الأفراد والمجموعات، باكتشاف طبيعة المملكة وتنوعها المناخي وعمقها التاريخي، في عشر وجهات سياحية، حيث تتوزع الوجهات السياحية لصيف موسم السعودية حول المملكة لتغطي معظم نقاط الجذب السياحي من "مدينة تبوك" في أقصى الشمال التي تضم الأودية الخصبة والمناطق الرملية وعجائب التشكيلات الصخرية، مروراً بالشواطئ الهادئة في مدينتي "أملج" و"ينبع"، ثم "مدينة الملك عبدالله الاقتصادية" بشاطئها الخلاب وأنشطتها وفعالياتها الترفيهية، و"مدينة جدة" بتاريخها وجاذبيتها، وصعوداً عبر سلسلة جبال السروات في الطريق إلى "الطائف" مصيف العرب، والغابات الكثيفة والأجواء الباردة والقرى التاريخية في "الباحة"، وصولاً إلى مرتفعات عسير وقمم جبال "مدينة أبها" الشامخة بتراثها وثقافتها وفنونها، وتستمر رحلة موسم صيف السعودية من القلب النابض للمملكة في العاصمة "الرياض" وصولاً إلى "المنطقة الشرقية". وأسهم النشاط التسويقي في نجاح موسم صيف السعودية مع مرور شهر على انطلاقته، وحقق قطاع الإيواء في الوجهات المستهدفة نسبة عالية من الإشغال تعدت 80 % في بعض الوجهات، فضلا عن الإقبال والحضور للزوار في مختلف المواقع السياحة العامة، وشهدت مع كل ذلك وحركة وعودة متكاملة للحياة، وبالتالي تحقيق انتعاش شامل للقطاعات المساندة المرتبطة بالسياحة كالطيران ومختلف وسائل النقل، فضلا عن المطاعم والمناشط الترفيهية في مختلف المدن السياحية وبالمواقع الترفيهية كالسواحل والمتنزهات في المناطق الجبلية.