تخوض صناعة النفط الصخري الأميركي معتركات غير مسبوقة في تاريخ الصناعة من اضطرارها لخفض الإنتاج القياسي قصراً لتدهور الأسعار نتيجة لتحطم الطلب من تداعيات أزمة كورونا. وأكد ل»الرياض» د. أنس الحجي مستشار التحرير في «منصة الطاقة» بأن انخفاض إنتاج النفط الصخري بولاية داكوتا الشمالية بالولاياتالمتحدة لمستوى قياسي، بسبب تأثره بالعديد من العوامل وأبرزها تدني أسعار النفط بسبب تدهور الطلب نتيجة تفشي فيروس كورونا. كما أن الفروقات السعرية لم تكن في صالح منتجي الولاية. وأضاف «إن ما عقد الأمور قرار المحكمة الفدرالية إغلاق أنبوب نفط «داكوتا أكسس» الواصل بين الولاية وولاية ألينيوز، إلا أن محكمة أخرى أقرت منذ أيام أنه يمكن استمرار ضخ النفط في الأنبوب حتى البت في القضية المقامة على الشركة المالكة للأنبوب من قبل مؤسسات حماة البيئة والسكان الأصليين في المنطقة التي يمر منها الأنبوب. إضافة إلى أن عدم الاستقرار القانوني لا ينفّر المستثمرين فقط، وإنما يجعل بعض المنتجين يؤخرون حفر وإكمال آبار جديدة حتى تتضح الأمور. ووفقاً للبيانات الصادرة عن حكومة الولاية أخيراً، وصل إنتاج الولاية إلى نحو 858.395 ألف برميل يومياً خلال شهر مايو 2020، بانخفاض قدره 30 % عن شهر أبريل، و43 % من أعلى مستوى له هذا العام في شهر فبراير الماضي، و37 % من نفس الشهر من عام 2019. وهذا يعني عملياً أن الولاية خفضت إنتاجها بنسبة قريبة من نسبة تخفيض دول الأوبك للإنتاج، والفرق بينها وبين دول أوبك أن تخفيضها كان إجبارياً بسبب انهيار الأسعار. ويأتي هذا الانخفاض نتيجة إغلاق 6770 بئراً والتي كانت تنتج 494 ألف برميل يومياً. وانخفض عدد الحفارات في ولاية داكوتا إلى مستويات متدنية لم نرها منذ أبريل 2004، علماً أن ثورة الصخري بدأت في عام 2010. فقد تجاوز عدد الحفارات 200 في منتصف عام 2012، والآن انخفض إلى 10 حفارات في الأسابيع الخمسة الماضية. ومع إغلاق الآبار، انخفض إنتاج الغاز المصاحب أيضاً حيث انخفض في شهر مايو بنسبة 29 % عن الشهر الذي سبقه، وقد شهدت داكوتا الشمالية إفلاس أكبر شركة نفط في المنطقة وهي شركة «وايتنج». وكانت المفوضية المكلفة بتنظيم قطاع النفط والغاز بالولاية قد قررت أخيراً عدم إجبار المنتجين على تخفيض الإنتاج، حيث استنتجت أن انخفاض الأسعار لم ينتج عنه أي هدر. والقانون يتطلب قيام المفوضية بإجبار المنتجين على تخفيض الإنتاج في حالة وجود هدر للموارد. من جهته قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك محمد باركيندو إن المنظمة لا تستهدف التأثير على النفط الصخري وأن صناعة البترول في العالم واجهت «ضربة مزدوجة» لم تألفها في تاريخها من تحطيم للطلب وصدمات العرض على أسواق النفط، في أعقاب تفشي كوفيد 19 الذي أربك نظام التوريد العالمي، ملفتاً للحاجة لإعادة النظر في هيكل الحوكمة للطاقة وتغير المناخ والجغرافيا السياسية، والجهود غير العادية لاستعادة التوازن لأسواق النفط، وذلك في محادثة مع نائب رئيس «أي اتش اس» مارك، كارلوس باسكوال. ويقول باركيندو استجابت أوبك بقيادة السعودية لتوسط الولاياتالمتحدة، ودعم وزراء نفط مجموعة العشرين وغيرهم من كبار المنتجين، وكانت الدول حيوية في تأمين اتفاق الإنتاج التاريخي لشهر أبريل لإعادة التوازن والاستقرار لأسواق النفط التي تترنح من الوباء، مشدداً «بعدم وجود أي أهداف أياً كان منا كمجموعة أو كدول فردية لوقف إنتاج النفط الصخري الأميركي بالذات الذي كثر الحديث حوله، ولولا النفط الصخري الأميركي على الأرجح، لكان بإمكاننا الدخول في وضع أسوأ أزمة مما نراه في هذا الوباء الذي أثبت بما لا يدع مجالا للشك الحاجة إلى إعادة النظر في الحكم». وحول كيفية إدارة صدمة سوق النفط داخل أوبك، قال «للمرة الأولى منذ عقود عديدة، جئنا لمواجهة الضربة المزدوجة من الطلب وكذلك صدمات العرض بنسب لا مثيل لها، وكان لدينا آلية إعلان التعاون بين أوبك وغيرها من الأعضاء من البلدان المنتجة في مكان ما في ديسمبر 2016 كنتيجة للانكماش الأخير وقد عملنا مع هذه الآلية في السنوات الأربع الماضية مع شركائنا من خارج أوبك، وقررنا الاعتماد على نفس الشيء، وبالتالي، اتخذت القرارات التاريخية في 9 و12 أبريل لتعديل العرض على مستوى العالم لنصل لخفض نحو 10 % من الإنتاج العالمي، ولكننا بالفعل نواجه توقعات لما يقرب من 30 مليون برميل يومياً من انكماش الطلب في شهر أبريل وما بين 25 إلى 30 مليون برميل يومياً في الربع الثاني. د. أنس الحجي محمد باركيندو