شهداء_الصحة التاريخ والوطن والمجتمع لن ينسوا تضحياتكم. يُسَطِّرُ أبطال الصحة أمجادًا تكتب بماء الذهب في ورق التاريخ، إنهم يقاتلون عدوًا لا يُرى، وضررًا لا يُعلم حدوده، وزمنًا لا يُعلم مداه. تضحياتٌ كبيرةٌ يقدمها أولئك الأبطال في أرض الوطن، بل وحتى خارج حدوده، يصارعون فيروسًا شرقيًا عاث في الأرض فسادًا، يُقَتِّلُ أبناءها، ويُرَمِّلُ نساءها، ويُقصي تاريخًا طويلًا من العادات الاجتماعية التي ظلت سمةً لذرية آدم. ليس ذلك فحسب بل إن هذا الفيروس قلب الأرض، وغيّر قواعد الحياة، ألزم الناس مساكنهم، اتقاء شره فما وقوه وما سلموا! خلا صحن الكعبة من الطائفين، وخلت المساجد من المصلين، وهدأت الشوارع من حركة الناس فليس إلا سكون مرعب وكأن البشرية قد خلت والساعة قد حلت. مضت الأيام والآمال ببشرى القضاء على الفيروس سريعًا تتضاءل وتتأخر كثيرًا حتى بات لزامًا التعايش مع هذا الفيروس الذي طاب له المقام وزاحم الإنسان في كل مكان، وملأ المقابر والمدافن بضحاياه. لم تكن لحظة إعلان أرقام الإصابات والوفيات في كل دولة باللحظة السهلة، صحيحٌ أنها لحظةٌ منتظرةٌ لعلها تبشر بتَغَيُّر الحال لكنها تأبى إلا أن تكون لحظةً صادمةً وكثيرًا ما كانت مفجعةً وموجعةً ومخيبةً للآمال. وفي المقدمة هناك أبطال الصحة على أهبة الاستعداد للتعامل مع كل حالةٍ مصابة، يفعلون المستحيل لأجل إنقاذ إنسان، يضحون بأرواحهم في مجابهة عدوٍ متخفٍ قاتل، وتلك هي البقعة الوحيدة في الأرض التي لم تسكن لحظةً ولم تهدأ حينًا وكأنها سحبت حراك الشارع لها فاستأثرت به وحيدةً لا مثيل لها. ولم يبقَ أولئك الأبطال في مواقع تقديم الخدمة الصحية فحسب بل فعلوا أكثر من ذلك إذ عزموا النزول للمواقع المحتملة أن تكون بؤرًا لهذا الفيروس في فحصٍ موسعٍ، ومسحٍ نشطٍ، وتقصٍ وبائي يستبقون فيه سرعة هذا الفيروس في الانتشار ويبطئون زحفه في محاولة لكسر سلسلة الانتشار السريع لعلهم يكتبون له خاتمةً سريعةً. ولم ينجُ أولئك الأبطال من تسجيل إصاباتٍ بينهم، بل ووفياتٍ كذلك، لكن المؤلم حين يتسبب الممارس الصحي في نقل العدوى لأفراد أسرته والأكثر إيلامًا وأشد حزنًا حين يتسبب المرض في وفاة أحدهم، ثمةَ شعور قاتل بالذنب سيبقى ما دامت الحياة ولن يخفف وطأته إلا الإيمان بالله والتسليم بقضائه وقدره. شهداء_الصحة الوطن لن ينساكم ولن ينسى تضحياتكم وشجاعتكم وبطولاتكم التي سطرتموها في مجابهة فيروس كورونا المستجد، الوطن سيذكركم دائمًا وأبدًا، والتاريخ سيُخَلِّدُ أسماءكم، كنتم على قدر المسؤولية، وكنتم أهلًا للثقة، كتب الله لكم الأجر والثواب. وأما هذه الجائحة التي نعيشها فلن تكون نهاية العالم، ولن تكون نهاية الحياة، نعم هي مرحلة صعبةٌ عاشها العالم ولا يزال، أيامٌ قاسيةٌ وستمضي، سَنَةٌ صعبةٌ وستنتهي، خوفٌ سيزول، وأمنٌ بإذن الله يعود، وستعود الأرض تعج بالحياة والإنسان.