أشرف الرئيس الجزائري القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع عبدالمجيد تبون، على الاستقبال الرسمي لرفات 24 من شهداء المقاومة الشعبية الجزائرية، الذين كانت تحتفظ بهم فرنسا، بمتحف الإنسان بباريس منذ أكثر من قرن ونصف القرن. ونقلت القنوات التلفزيونية الجزائرية العمومية منها والخاصة، البث الحي لوصول رفات الشهداء بعد 170 عاماً من الغياب في لحظات تاريخية فارقة، ووسط أجواء احتفالية واستعراضية رائعة لمختلف التشكيلات الحربية، لقوات الجيش الجزائري، خاصة فرقة المظليين. وقال رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق السعيد شنقريحة، أنه ليوم عظيم باستقبال العظماء الذين صنعوا مجد الجزائر، وإن الحلم تحقق بعودة الشهداء في هذا اليوم إلى أرض الوطن، بعدما هرّب جثثهم الاستعمار الفرنسي دون حياء ولا أخلاق وعرضها في متحفه منذ أكثر من قرن ونصف القرن، لافتاً إلى أن هؤلاء الأبطال كانوا محل ابتزاز ومساومة من قبل لوبيات بقايا الاستعمار، ودعاة العنصرية. وتوافد مئات الجزائريين على قصر الثقافة مفدي زكرياء بالجزائر العاصمة، لإلقاء النظرة الأخيرة على رفات الشهداء، السبت بقصر الثقافة بالجزائر العاصمة، وسط الزغاريد الممزوجة بدموع التأثر. وتعود الجماجم التي ستدفن بالأرض التي ناضلت لأجلها، لكي تتحرر، لرموز المقاومة الشعبية الجزائرية، ممن قطعت رؤوسهم على يد الاحتلال الفرنسي، لترهيب الجزائريين، وأخذها المستعمر الفرنسي حينها بباريس، لطمس أثر المقاومة. وأبرز الجماجم تعود إلى الشيخ أحمد بوزيان، زعيم مقاومة ثورة الزعاطشة، والشهيد بوبغلة. واسترجعت الجزائر جماجم شهدائها بعد مسار طويل من المفاوضات، التي بدأت بشكل فعلي العام 2011، لتنهي اللجنة الجزائرية - الفرنسية، المكلفة بالتدقيق في هوية الجماجم في مارس 2020 تقريرها النهائي، وتحدد الرفات والجماجم القابلة للاسترجاع، وغير القابلة للاسترجاع، والتي تحتاج إلى تدقيق، ليعلن الرئيس تبون، الخميس 2 يوليو 2020 عن إعادة 24 رفاتاً من قادة المقاومة الشعبية ورفاقهم إلى أرض الوطن على متن طائرة عسكرية من القوات الجوية الجزائرية، مرفقة بطائرات عسكرية. واعتبر رئيس حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر، (الحزب الحاكم في الجزائر)، بعجي أبو الفضل، في تصريح ل"الرياض"، استرجاع جماجم رموز المقاومة الشعبية أجمل هدية يقدمها الرئيس تبون للشعب الجزائري في عيدي الشباب، والاستقلال المصادف ل5 يوليو من كل عام، شاكراً إياه على كل المجهودات في تتبع مسار استرجاع الرفات. ودعا بعجي كل الجزائريين إلى ضرورة التلاحم والتضامن لمواجهة التحديات التي تواجهها الجزائر، أمنيا واقتصادياً، وصحياً في ظل جائحة كورونا. وتحدثت تقارير إعلامية فرنسية عن 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف "الإنسان" في باريس، منها 500 فقط جرى التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية، قُتلوا على يد القوات الفرنسية أواسط القرن ال19. وقد ووري رفات قادة المقاومة الشعبية الجزائرية، الثرى بمقبرة الشهداء بالجزائر، الأحد، لتنعم بأديم الأرض التي سقتها بدمائها، ولتبقى شاهداً على بطولات رجال وفوا بما عاهدوا الله عليه.