بالتأكيد لا يقصد بالسموم البشرية الأضرار المترتبة على الاجتهادات البشرية، ومخلفات مصانع وغازات وكيميائيات أو تلوثات بيئية وغيرها إنما المعنى أدق وأعمق ويرتبط ارتباطاً مباشراً وصريحاً بالنفوس البشرية وسلوكياتها. ثمة بشر عشرتهم ومخالطتهم والتعامل معهم كما السم أو أمرّ وأدهى يسممك اجتماعياً أو نفسياً أو فكرياً أو جسدياً، ولا نبالغ لو نقول قد يؤدي بك إلى موت بطيئ من حيث لا تدري. .. من هؤلاء وفي الصدارة (المتشائم) إذا ما تمكن منك وسيطر على عقلك ووعيك وحقن أفكاره السوداوية فيك، وأفلح بنقلك لعالمه وأقنعك فيه وصدقت وآمنت وكنت مطواعاً ومتجاوباً مع ظنونه ومعتقداته وأفعاله وأقواله حد أن تصبح كل حادثة مصيبة، وكل موقف نازلة، وكل البشر سيئون حتى يثبت العكس، وليس للجميع حسن ظن حتى يصدر منهم ما يدينهم. .. (الأناني) يرى فقط نفسه وبعده الطوفان، ولك فائض حاجته ومهما أظهرت له وداً أو طيبة أو عطاء ما يحتاجه أو قد يحتاجه لن تناله منه أو تحصل عليه سلماً أو حرباً، رضا أو سخطاً وكل ما عليك أن تلهج بالدعاء أن لا تحوجك الدنيا له أو لأمثاله. .. و(الجاهل) سام يشقى بنفسه ويشقي معه قريب أو بعيد اقترب منه لا تأمن أفعاله، ولا أقواله ولا ردود أفعاله.. ومن السموم المركزة صنفين من الرجال (البخيل. والموسوم الشكاك)، وفي النساء صنفان أيضاً (الغيورة تتعب نفسها ومن حولها وبالذات أن اجتمع مع الغيرة حسد وضعف وازع ديني وقلة قناعة، والمرأة النمامة التي متعتها في القيل والقال تهدم بيوتاً وعلاقات، وتضر نفسها وغيرها ولا تتغير). الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة نعم يأنس بغيره، ولكن هذا ليس بسبب كافٍ لكي يتحمل سموماً بشرية تعكر صفو حياته وتؤدي براحة باله وسكينته للتهلكة.