أقام النادي الأدبي بالرياض ضمن سلسلة حوارات وتجارب ينظمها خلال هذه الفترة، أمسية حوارية مع الدكتور مرزوق بن تنباك أستاذ الأدب بقسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود. بدأت الأمسية بالترحيب بالضيف وتسليط الضوء على سيرته الذاتية وتجربته الثرية، قبل أن يبدأ الدكتور مرزوق بالإجابة عن أسئلة الحضور التي تطرقت للتغيير المرتقب بعد «كورونا» والآثار المترتبة على الإغلاق الشامل من آثار اقتصادية واجتماعية ومستقبل العلاقات بين الدول، وضرورة مواكبة هذا التغيير بتغيير آخر ينعكس على تفكير الناس وطريقة تعاطيهم مع المشروعات المستقبلية، مشيدا بالدور التقني الذي تمكن من صنع الفارق خلال هذه الجائحة. وحول البدايات والذكريات أشار ابن تنباك إلى ظروف نشأته التي تزامنت مع الفترة الفاصلة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما صاحب تلك الحقبة من صعوبات وتحولات جذرية على كل الأصعدة، إضافة إلى ما تعانيه المنطقة من شحّ في الموارد في ذلك الوقت، إلا أنه تمكن رغم ذلك من مواصلة تعليمه داخل وخارج المملكة، والتأقلم مع الظروف، مقدما رؤية ونظرة مقارنة بين أجيال تلك الحقبة والأجيال الحالية في الاهتمامات والهموم السائدة، مطالبا الأجيال الجديدة بمضاعفة الاهتمام بالعلم وتطوير القدرات المعرفية، محذرا مما أسماه «الخدعة الكبيرة» التي باتت تمثلها الشهادات الدراسية. وحول كتابه الفصحى ونظرية الفكر العامي، الذي نال بموجبه جائزة مكتب التربية لدول الخليج العربي، عزا الدكتور مرزوق تأليف الكتاب إلى الجدل حول اللغة وهوية الإنسان وامتداده التاريخي في تلك الفترة التي انعقد خلالها مؤتمر في قطر حول الأدب الشعبي، وانزعاج ابن تنباك خلال جلسات المؤتمر من اقتراح إيجاد أبجدية للفصحى وأبجدية أخرى للعامية؛ الأمر الذي يراه تشطيرًا للثقافة ومحوًا للهوية، وتناول في كتابه تلك المسائل، إضافة إلى بيان المنطلقات الفكرية التي تقف وراء الدعوة إلى عزل العامية عن الفصحى، منوها بالقبول والتقدير اللافت الذي لقيه الكتاب في أوساط المهتمين. كما تناولت الجلسة الحوارية عديدًا من القضايا التي تشغل الأوساط الثقافية، قبل أن تُختم الأمسية بإشادة الدكتور مرزوق بن تنباك بقرار إنشاء وزارة للثقافة والهيئات التابعة لها، معبرا عن سعادته بهذا القرار الذي طالب به منذ ثلاثين عاما، مؤكدا أن إنشاء الوزارة خطوة مهمة جدا في تطور المشهد الثقافي.