تسببت أزمة كورونا في تحقيق أكبر أزمة لقطاع الطيران بالعالم، حيث تربض الآلاف من الطائرات في مطارات العالم، بعد أن كانت تقضي الساعات الطوال معلقة بين السماء والأرض، ووفق منظمة الطيران المدني الدولي «إيكاو»، فإن عدد المسافرين جواً بلغ بنهاية العام 2018 قرابة، 4.1 مليارات راكب سنوياً، وكل المؤشرات توضح أن هذا العدد زاد مع زيادة حركة السفر والطلب على الطائرات في 2019، ثم جاءت انتكاسة كبرى في العام الحالي 2020، بتوقف السفر العالمي، بين الدول، وحتى الرحلات الداخلية لكل دولة، حيث عادت نسبة قليلة من حركة السفر الدولي والداخلي، وسط إجراءات وقائية مشددة تقلل من حركة المسافرين وتقيدهم عن التكرار، فضلاً عن تحرز الملايين من السفر جواً، والذهاب للمطارات تخوفاً من فيروس كورونا المستجد، وتوضح كل المؤشرات، إن هذه الأزمة العالمية ستغير من تجربة المسافرين على مدار الأعوام الخمسة المقبلة على الأقل سواء للسياحة أو حتى للعمل، وحضور المؤتمرات والمعارض. ورغم أن ثلث عمليات الشحن في العالم مازالت تتم جواً رغم هدوء حركة المطارات، فقد توقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) منتصف الأسبوع الماضي، أن تؤدي أزمة فيروس كورونا إلى خسائر قياسية لقطاع الطيران تبلغ 84 مليار دولار في عام 2020، معتبراً إياه «أسوأ عام في تاريخ الطيران»، وقال الاتحاد: إن من المتوقع أن ترتفع حركة السفر الجوي بنسبة 55 بالمئة في عام 2021 من مستواها المنخفض هذا العام، لكنها ستكون أقل بنسبة 29 بالمئة عن مستواها لعام 2019. وقال المدير العام للاتحاد ألكسندر دو جونياك «من الناحية المالية، فإن (القطاع) سيتراجع في عام 2020 باعتباره أسوأ عام في تاريخ الطيران»، وتنبأ الاتحاد بأن يُمنى القطاع في 2021 بخسائر بقيمة 15.8 مليار دولار أخرى، ليبلغ إجمالي الخسائر التي تُعزى إلى حد كبير إلى الوباء نحو 100 مليار دولار، إذ يظل مستوى التعافي أقل بكثير من مستويات ما قبل الأزمة في حين خفضت شركات الطيران أسعارها لتستأنف أنشطتها. وتعد هذه الأرقام نكسة لعالم الطيران وفرص العمل التي يوفرها للملايين حول العالم، ووفق إحصاءات لمنظمات دولية قبل أقل من عامين، فإن النمو المتوقع في قطاع النقل الجوي سيتطلب توظيف أكثر من 600 ألف طيار في العالم بحلول 2036، وحالياً يوجد أضعاف هذا الرقم متوقفين عن العمل سواء للطيارين ومساعديهم، ومضيفي ومضيفات الطائرات، فضلاً عن العاملين بالخدمات الأرضية بالمطارات، وملايين يعملون في مناشط مساندة مرتبطة بالسفر والحركة الجوية مثل الصيانة والأمن والتموين، وغيرها من المناشط التي تقام بالمطارات، ومساندة للسفر والطيران. وتخضع حالياً 98 % من المسارات الجوية في العالم لقيود سفر مشددة، تتضمن إغلاق أو حظر سفر جزئي أو تدابير الحجر الصحي، وفقاً لبيانات اتحاد النقل الجوي الدولي «إياتا»، وفي أوروبا فقط، من المتوقع أن تتراجع السعة المقعدية بنحو 90 % في الربع الثاني من 2020. وفي الشرق الأوسط، من المتوقع أن تتراجع السعة بنحو 80 %، فيما ستتراجع بالولايات المتحدة وآسيا بنسبة 50 %، وفقاً لأحدث بيانات إياتا، في الوقت الذي كانت منطقة الشرق الأوسط تنتظر حركة نمو غير مسبوقة، حيث أعلنت شركات طيران خليجية كبرى، عن تسريح نسبة كبيرة من العاملين بها، وإجازة مفتوحة للبعض منهم. وهناك حوالي نحو 10.5 ألف طائرة، تمثل 40 % من إجمالي أسطول الطائرات العالمي، موجودة على الأرض من دون تشغيل، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد. وقال الاتحاد: «إن من المرجح أن تنخفض الإيرادات إلى 419 مليار دولار من 838 مليار دولار في العام الماضي مع توقف معظم الرحلات الجوية في أنحاء العالم في الوقت الحالي، فكل يوم يمر هذا العام يضيف للصناعة خسائر تصل إلى 230 مليون دولار»، ويبلغ متوسط الخسارة حوالي 38 دولاراً للراكب. وبين رئيس الاتحاد، دو جونياك، أن شركات الخطوط الجوية ستظل هشة مالياً في 2021»، وتنبأ بأن تكون المنافسة «أكثر حدة». وأضاف قائلاً: «هذا سيُترجم إلى حوافز قوية للمسافرين حتى يعودوا لركوب الطائرات مرة أخرى»، وتوقع الاتحاد زيادة الإيرادات في 2021 لتصل إلى 598 مليار دولار، ومن المتوقع أن تنخفض أعداد الركاب إلى 2.25 مليار هذا العام ثم ترتفع إلى 3.38 مليارات في 2021، ومع هذا فإنها ستظل منخفضة أكثر من 25 بالمئة عن مستويات 2019. الملايين خسروا أعمالاً مرتبطة بالسفر والطيران