خلال اختبار تفشي كوفيد -19 العسير، أثبتت المملكة في غضون أشهر قلائل صلابة منقطعة النظير في مواجهة الظرف الاستثنائي وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية بما أتاح للمواطنين العيش في حالة من الاستقرار، اللافت للنظر كذلك وإن لم يكن مُستغرباً، هو تمكن المملكة من استخدام الأدوات الرقمية بكفاءة وفاعلية تُحسب لها، سواء لتلبية حاجات الجمهور داخليًا أو لإحكام عمليات التواصل على المسرح الدولي.. لا يمكن اعتبار ذلك التسخير الرشيد للتقنيات الرقمية محض مصادفة، بل ربما عائد شديد الأهمية للاستثمار المستمر على مدار السنوات الماضية في البنية التحتية الرقمية والأدوات التقنية المستحدثة لمواكبة المشهد العالمي وآليات التواصل والعمل والإنتاج في العقد الجديد من القرن الواحد والعشرين، وبالرغم من أن قرارات الاستثمار كانت بعيدة النظر واضحة الهدف، إلا أن أحداً لم يكن ليتوقع أن يتغير وجه العالم بين ليلة وضحاها بحلول وباء قاتل على أركانه، فتعلو بسببه قيمة تكنولوجيا المعلومات، وتصبح ضرورة لا رفاهية، يعتمد عليها إتمام أساسيات التعايش اليومي، كالتعلم والعمل والتواصل وحتى الأمور الشخصية كالود والتراحم. إن ما وفره الاستثمار الذي دام لسنوات سبقت في تعزيز البنية التحتية الرقمية للمملكة خلال أزمة التفشي العالمي لفيروس كوفيد 19، قدم سياقًا رقميًا وافيًا وملائمًا لكافة حاجيات المواطنين، فجاء في صورة سُرعة إنترنت عالية نسبيًا تواكبت مع تعاظم الاستهلاك بالتزامُن مع الظرف الوبائي، وحزمة تطبيقات أتاحت الخدمات الحكومية للمواطنين إلكترونيًا تمشيًا مع الاتجاه العالمي للتباعُد الاجتماعي، لكن الأمر لم يتوقّف لدى هذا الحد، فالاستثمار الموفق في بنيتنا الرقمية كان مثار إشادات دولية مشهودة من جهة لها ثقلها كالبنك الدولي، لا تشيد بوضع إلا إذا كان فيه من الوجاهة ما يستحق الإشادة، وأشارت بالبنان إلى الحوكمة الرقمية التي استطعنا تبنيها في وقت قياسي. علاوة على ذلك، فإن الظرف العالمي الذي تزامن مع قيادة المملكة لمجموعة العشرين وجعل من مهمة عقد قممها واجتماعات قادتها تحديًا دبلوماسيًا، لولا الاستثمار الواعي في البنية الرقمية للمملكة على مدار أشهر وسنوات، لم يكُن ليتيح للمملكة أن تقوم بدورها التاريخي في هذا العام الفارق في قيادة مجموعة العشرين، والدعوة لعقد القمة الافتراضية وكافة اجتماعات الوزراء التي اضطلعت بدور إنساني في المقام الأول، واقتصادي في المقام الثاني، لدعم شعوب العالم في تجاوز هذه الأزمة الحرجة بالحد الأدنى من الخسائر، والدفع في اتجاه العثور الأسرع على لقاح آمن ضد هذا الوباء.