من مسلمات الحياة أن كل البشر، وفي كل الأزمنة، يمتلكون أحلاماً وطموحات وقائمة أماني لا تنتهي، وبعض هذه الأماني ذات صخب، وضجيج للحد الذي يجعل صاحبها لا يستطيع الاحتفاظ بها داخل نفسه، فتؤزه أزاً على مشاركتها أحبابه، وعادةً ما يفعل ذلك ليُعديهم بطاقته، متوقعاً ردود أفعال توازي آماله وحماسه، فيغذي شعوره المتوهّج بإعجابهم وثناءاتهم. لكن من مسلمات الحياة أيضاً، أن توقعاتنا غالباً ما تخيب، فكثير ممن شارك أحلامه مع الآخرين، تلقى استجابات أنكرت عليه هذا الحلم، وصيغ هذا الإنكار في عبارات مثل (راحت عليك)، (ما بتضبط معك) و(كان غيرك أشطر) وغيرها من الجمل المحبطة. ينقسم الناس عادة أمام هاته الردود إلى قسمين، القسم الأول، سيصدم بهذه الردود، ويحولها لواقع لا مفرّ منه، ويلقي بحلمه مع كامل أسفه في بئر النسيان، متناسياً أن ردود فعل الناس حول أحلامه طبيعية جداً، وتُبرر استجابتهم المحبطة، لأحد أمرين، إما لخوفهم من تخطي منطقة الراحة، واعتقادهم الخاطئ أن على الجميع الإقامة في هذه المنطقة بشكل دائم، متجاهلين مكانة وأهمية الحلم الكبير لصاحبهم، فيبعثرون طموحه في كل زاوية منه، ومشاعره معها، جهلاً منهم. أما الأمر الآخر، فهو تعمد البعض ممن يخشى المنافسة للانتقاص من هذه الفكرة ، فيقرر وأد أفكار صاحبه منذ ولادتها، نصيحتي لأصحاب هذا القسم هي (لا تكن هشّاً). أما القسم الآخر، سيدرك تماماً أن استجاباتهم المحبطة والمتعجبة أمر وارد وطبيعي جداً، لذلك لن تثنيه عن عزمه، وسيحقق ما يرجو بكل ما أوتي من قوة، بعد أن يستفيد من آرائهم في تقوية بنيان حلمه، قبل أن يجسده على أرض الواقع، متجاهلاً إحباطات الناس من حوله من غير استياء منهم، ثم يمضي قُدماً في طريقه، محققاً ما يصبو إليه، نصيحتي لأصحاب هذا القسم هي انظر لمنافسك الذي حاول جاهداً أن يجذبك للخلف، وارمقه بنظرة ذات مغزى، كأنك تقول له (كان غيرك أشطر).