إنَّ في رحيل العلماء ثلمة لا تسد كيف لا يكون ذلك وهم الذين يبصرون الناس أمور دينهم، ويعلمونهم العلم النافع، ويضيئون لهم طريق الهدى والرشاد، لما ورثوه من علم شريف، وفتحٍ لأبواب الخير، وإغلاق لأبواب الشر، ففضلهم كبير، ودورهم في المجتمع جليل، فهم أنفع الناس للناس. غادرنا إلى ربٍّ رحيم كريم الشيخ محمد أحمد حسن، الذي كان سيداً في الورع والزهد عزيزاً لا يرى الدنيا شيئاً، حافظ على دينه وجاهد لعزة الإسلام فأعزه الله، ومن العلماء الذين أفنوا أعمارهم في العلم تعلُّماً وتعليماً، والفقه في الدين من علامة محبة الله لعبده، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ). حمل الشيخ محمد أحمد حسن الدين الإسلامي دعوة وأخلاقاً وتعاملاً ومظهراً، وتتلمذ عليه أجيال كثيرون في دروسه العلمية في المساجد، واستفاد من محاضراته ومؤلفاته كثير من طلبة العلم، كان ديناً وأخلاقاً وأعمالاً تتحرك بين الناس كبيرهم وصغيرهم، وعُرف بالكرم، فقد فتح بابه لاستقبال الزائرين والإحسان إلى المحتاجين، فلا يتردد في نفعهم مع رحابة صدر وتأنيس جليس بالفوائد والدعابة اللطيفة، التي تضفي عبقاً طيباً في المجلس، فنال بصفاته الطيبة وأخلاقه الحسنة وعلمه النافع محبة في قلوب من عرفه من العامة والخاصة. قدم الراحل وهو عضو في هيئة علماء السودان، علوم الفقه والإفتاء على وسائل الإعلام ومنابر الافتاء في قوالب بسيطة ولغة محلية سهلة، وانتهج أسلوباً بسيطاً سلساً وجاذباً لمحاضريه في محاضراته ولمستمعيه ومشاهديه في الإذاعة والقنوات التلفازية، وتفرَّد بحسن المنطق وجمال السجية وظرافة الأسلوب وجذب المشاهد والمستمع بما تميز به من حسن المخاطبة والاختيار الجيد لألفاظ اللغة المحكية التي كان يتميز بها وكانت عاملاً ناجحاً في شهرة وتميز برامجه الدعوية والمجتمعية التي ساهمت في حل كثير من المشكلات والقضايا التي تُوجه إليه من المستمعين والمشاهدين لها. وقد كان رحمه الله حياة متحركة من الدعوة إلى الله، مارس ذلك بإخلاص ونية صادقة وجهد مقدر خلال ممارسته لعمله الكتابي في العديد من الجهات الحكومية، وأكثر من جهده ومساعيه في القيام بمهامه الدعوية حينما تفرغ لذلك بعد نزوله للمعاش، وذاعت شهرته، وحسن أدائه الدعوي والمجتمعي لما كان يقدمه من خدمة دعوية ناجحة وصالحة للمجتمع حفظت له أسمى مكانة وأروع محبة خلدت ذكراه لدى جميع الناس. فهنيئاً للشيخ محمد أحمد حسن على ما خلف من سمعة عطرة، وتاريخ حافل بمكارم الأخلاق.. رحم الله الشيخ محمد أحمد حسن وأحسن إليه وأنزله مع الصديقين والشهداء بإذنه تعالى، وألهم ذويه الصبر والسلوان.. (إنا لله وإنا إليه راجعون).