وزير الدفاع يستقبل وزير القوات المسلحة الفرنسية    لغز البيتكوين!    الوعد ملهم.. العام المقبل    وزير التجارة: الاهتمام بالجودة لم يعد خيارًا بل واجب وطني تجسد في رؤية 2030    95 % إشغال فنادق الرياض خلال إجازة منتصف العام    أعاصير تضرب المركب الألماني    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    ترمب وحل الدولتين.. الاستراتيجية السعودية للتجديد في الشرق الأوسط    أعضاء حكومة ترمب.. الأهم الولاء والتوافق السياسي    الله عليه أخضر عنيد    «الأخضر» جاهز للقاء إندونيسيا.. ورينارد يكاشف الإعلام    الخليج يضرب أهلي سداب بفارق 21 هدفاً    كازا الرياض بطلاً للكأس الفضية للبولو    ستة ملايين عملية عبر «أبشر» في أكتوبر    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    المملكة تقود المواجهة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    سعودي يفوز بجائزة أفضل إخراج سينمائي في نيويورك    تدريب 123 شابا منته بالتوظيف    رصد اقتران القمر العملاق بكوكب المشتري في سماء عرعر    النصر يطرح تذاكر مواجهته امام السد القطري    طبيب الهلال يكشف الحالة الصحية لثلاثي الفريق    للمرة الأولى دعوة لاعتبار هجمات إسرائيل على غزة إبادة جماعية    للمملكة فضل لا يُحدّ    تكريم رجال أمن بالطائف    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    رابطة العالم الإسلامي تدين استهداف قوات الاحتلال لوكالة "أونروا"    دور التحول الرقمي في مجال الموارد البشرية في تحقيق رؤية المملكة 2030    الابتسام يتصدر ممتاز الطائرة    منتدى الاستثمار الرياضي في أبريل    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    احتفال أسرة الصباح والحجاب بزواج خالد    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    الخريجي وسفير أمريكا لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد السعودية في الاجتماع البرلماني بدورته ال 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في باكو    "سعود الطبية" تستقبل 750 طفلاً خديجًا خلال 2024م    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    "تلال" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض" بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    المتشدقون المتفيهقون    السخرية    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    وطنٌ ينهمر فينا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



35 جريمة قتل و1300 انتهاك بحق الصحفيين منذ الانقلاب الحوثي
نشر في الرياض يوم 07 - 05 - 2020

في وقت يركز فيه العالم على وقف إطلاق النار المؤقت بين المتمردين المدعومين من إيران - جماعة أنصار الله المعروفة باسم "الحوثيين" - والحكومة اليمنية المعترف بها رسمياً من قبل الأمم المتحدة بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، أصدرت ما تسمى ب"محكمة الحوثيين" حكماً بالإعدام بحق أربعة صحفيين يمنيين، من أجل إسكات وسائل الإعلام المحلية عن الانتهاكات والخروقات التي تمارسها الميليشيات لوقف إطلاق النار.
وكان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن أعلن تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر اعتباراً من الخميس 23 أبريل الماضي، وذلك بعد إعلانه السابق في 8 أبريل بوقف إطلاق النار لمدة أسبوعين.
لكن الميليشيات الحوثية واصلت الأعمال العسكرية العدائية واستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة بشكل يومي، وفي محاولة للتعتيم عن ممارساتها، قامت بتقديم 10 صحفيين في 11 أبريل الماضي إلى المحاكمة دون مراعاة الأصول القانونية أو أي إشعار مسبق، وقدموا جميعاً بتهمة "التجسس" أو "التعاون مع العدو"، ووُصفت هذه المزاعم بأنها هزلية وتتماشى مع النهج الثابت لجهود الحوثيين لقمع حرية الصحافة في أجزاء من البلاد تخضع لسيطرتهم.
وطوال فترة النزاع تم استهداف الصحفيين واعتقال العديد منهم بشكل تعسفي أو الاعتداء عليهم أو سجنهم أو قتلهم، وقد مرت بالفعل خمس سنوات على معاناة الصحفيين العشرة قيد المحاكمة قضوها في ظروف غير إنسانية، تعرضوا خلالها للتعذيب وسوء المعاملة.
ومن جانبه، دعا التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد)، ميليشيا الحوثي إلى إطلاق سراح الصحافيين المعتقلين وإلغاء أحكام الإعدام التي أصدرتها ما تسمى بالمحكمة الجزائية المتخصصة فاقدة الأهلية والولاية، بحق أربع صحافيين منهم، بناء على اتهامات ملفقة.
جاء ذلك في بيان أصدره تحالف رصد بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)، مشيراً إلى أن اليمن يقبع في المرتبة 168 على مستوى العالم حسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة، منذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014، بسبب تدهور حرية الصحافة والعمل الإعلامي في اليمن، والمخاطر التي يواجهها الصحافيون اليمنيون.
وأكد تحالف رصد أن ميليشيا الحوثي عمدت فور استيلائها على السلطة إلى اقتحام العديد من مكاتب الصحف ووسائل الإعلام وقامت بإغلاقها ونهبها والاستيلاء عليها وفصل العديد من الصحافيين، كما استخدمت العديد منهم كدروع بشرية في أماكن ذات استخدامات عسكرية مما نجم عنه استشهاد عدد منهم، وأوضح تحالف رصد أن ميليشيات الحوثي مازالت تحتجز وتخفي العديد من الصحافيين وموظفي عدد من وسائل الإعلام وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في السجون حتى اللحظة.
وقد دعت المنظمات الدولية في جميع أنحاء العالم إلى إطلاق سراح هؤلاء الصحفيين من السجن بما في ذلك "منظمة العفو الدولية"، و"مراسلون بلا حدود"، و"الاتحاد الدولي للصحفيين"، و"لجنة حماية الصحفيين"، والعديد من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والمؤسسات الإعلامية.
ومن بين الصحفيين العشرة الذين صدرت بحقهم أحكام في 11 أبريل (نيسان)، حُكم على أربعة منهم بالإعدام، وهم أكرم الوليدي، الذي يعمل في موقع "أخبار الربيع"، وحارث حميد "الصحوة.نت" وموقع "الربيع الإخباري"، وعبد الخالق عمران "الإصلاح أونلاين"، وتوفيق المنصوري في تلفزيون "المصدر".
وحُكم على الصحفيين الستة الآخرين في المحاكمة بالسجن لمدد طويلة، ومن المقرر أن يخضعوا الآن للمراقبة مع إلزامهم بزيارات يومية لمراكز الشرطة طيلة السنوات الثلاث المقبلة. وعلى الرغم من أن هؤلاء الرجال أحرار من الناحية القانونية، إلا أنهم لا يزالون تحت سيطرة خاطفيهم من خلال هذه المراقبة، وهؤلاء الصحفيون الستة هم: حسن عنب، من تلفزيون "شباب اليمن"، وهشام طرموم، من تلفزيون "المصدر"، وهيثم الشهاب، من جريدة "الأهالي"، وهشام اليوسفي، من "اليمن يوتيوب"، وعصام أمين أحمد بلغيث من "ناس إف إم"، وصلاح القاعدي، من قناة "سهيل" التلفزيونية.
وأكد تحقيق نشره المرصد الدولي لحقوق الإنسان، أن الصحفيين والإعلاميين في اليمن خلال فترة احتجازهم التي استمرت خمس سنوات، تعرضوا للتعذيب بشكل متكرر من قبل حراس مواليين للحوثيين. وكانوا يتعرضون لتعذيب بصورة منتظمة، ويحرمون من الماء، ويعانون من أشكال أخرى من التعذيب بما في ذلك إجبارهم على حمل كتل خرسانية لساعات، ولم يسمح لهم بالتواصل مع محاميهم.
وفي رسالة مفتوحة موجهة إلى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والمشير مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى لحركة الحوثيين، دعت فاليري بيي، مديرة "المرصد الدولي لحقوق الإنسان" غير الحكومية ومقرها لندن، إلى إسقاط التهم الموجهة إلى الصحفيين العشرة، وإلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق الصحفيين الأربعة على الفور، والإفراج غير المشروط عن جميع الصحفيين المحتجزين تعسفياً وفقاً للقانون الدولي.
فمن المعروف أنه في منطقة النزاع، أي شخص يعذب أو يعتقل أو يعدم الصحفيين أو أي إعلامي محترف بشكل غير قانوني يرتكب جريمة حرب. حملت الرسالة أيضاً توقيع منظمات دولية وصحفيين حائزين على جوائز ومحامين وسياسيين وأعضاء بالبرلمان وأكاديميين وسفراء وسجناء سابقين جميعهم أيدوا مطلب "المرصد الدولي لحقوق الإنسان" ووقعوا على الرسالة التي دعت الشخصيات الرسمية إلى اتخاذ إجراءات لإنقاذ هؤلاء الصحفيين ووضع حد لمعاناتهم وتفهم معنى حرية الصحافة وإشاعة روح السلام.
الصحفيون والحرب في اليمن
دخلت الحرب في اليمن عامها السادس، وباتت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان هي القاعدة بصورة متزايدة، ولم ينج من ذلك الصحفيون الذين يتناولون أخباراً عن الصراع الدائر هناك. ففي العام 2019 فقط سجلت نقابة الصحفيين اليمنيين 134 "انتهاكًا لحقوق الإعلام والصحفيين". واحتل اليمن المرتبة الأدنى (167 من أصل 180) في مؤشر حرية الصحافة للعام 2020 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود".
وفقاً للجنة حماية الصحفيين، فقد لقي 16 صحفياً مصرعهم في اليمن منذ العام 2014 أثناء تأديتهم لواجبهم، فيما لا يزال مصير صحفي واحد مجهولاً. وقد اختطف وحيد محمد ناجي حيدر من قبل مسلحين اثنين على الأقل من الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء في العام 2015 واختفى منذ ذلك الحين. وتقول المنظمات غير الحكومية المحلية: إن الأرقام أكبر بكثير.
وبحسب نبيل الأسيدي، رئيس الشؤون القانونية بنقابة الصحفيين اليمنيين: "في السنوات الخمس الماضية، كانت هناك أكثر من 1300 حالة انتهاك مختلفة ضد الصحافة، بما في ذلك 35 جريمة قتل صحفيين، تعرض بعضهم لهجوم بنيران قناصة أمام كاميرات التلفزيون أثناء تأديتهم عملهم". وأضاف الأسيدي أن حوالي 250 صحفياً لا يزالون رهن الاعتقال لفترات مختلفة منز بداية الصراع في اليمن.
ونظراً لسعيهم للسيطرة على وسائل الإعلام فقد عمل الحوثيون بمجرد سيطرتهم على صنعاء على تعزيز قبضتهم لقمع المنظمات الإعلامية الموجودة في العاصمة، ثم وسعوا نفوذهم ليشمل جميع المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وتجلى ذلك في العنف وفرض الرقابة الإلكترونية، منها حظر استخدام تطبيق "واتساب" وتطبيقات الرسائل المحمولة الأخرى الشائعة.
وذكرت "لجنة حماية الصحفيين" في مقال نشر العام 2015 أن "قوات الحوثيين داهمت المنافذ الإخبارية، واحتجزت الصحفيين، وحظرت مواقع الإنترنت، بينما توقفت شركات البث الفضائي عن بث قنوات أصبحت تحت سيطرة الحوثيين مؤخرًا، وفقًا لتقارير إخبارية".
روايات الصحفيين من داخل سجون الحوثي
واجه العديد من الصحفيين المحتجزين التعذيب، فقد قضى أنور الركان، صحفي اعتقل العام 2018، عاماً في سجن للحوثيين، وتوفي بعد يومين فقط من إطلاق سراحه العام 2019 بسبب سوء المعاملة التي تلقاها كسجين.
ووصف سجين سابق نجا من التعذيب على أيدي خاطفيه أن الحراس كانوا يقدمون لهم وجبات أرز مقززة تزحف فوقها الصراصير، كما أفاد صحفيون آخرون اعتقلهم الحوثيون وأفرج عنهم فيما بعد بتعرضهم للضرب وحرمانهم من الرعاية الطبية. وأفاد أحد الصحفيين المفرج عنهم بأنه قد عُذب بأن قُيد من ساقيه ويديه وظل معلقاً في الهواء لفترة طويلة. كما منع المسؤولون في بعض الحالات أسر الصحفيين من شراء الأدوية لهم.
كذلك وصف يوسف عجلان - صحفي يمني اعتقل في سجن حوثي لفترة طويلة - محنته في مقابلة مع المرصد الدولي لحقوق الإنسان قائلاً: "أنا شخصياً تعرضت للتعذيب الجسدي، لكني محظوظ بالنظر إلى ما حدث لمعتقلين آخرين. فقد تعرضت للضرب في جميع أنحاء جسدي، وتم شد يديّ وساقيّ معًا على عصا مثبتة بين منضدتين، وعلقت بينهما كما تعلق الدجاجة في آلة الشواء. طريقة التعذيب هذه كانت مؤلمة لدرجة أن أحداً لم يتحملها لبضع دقائق".
وحكى الصحفي المُفرج عنه يوسف العجلان كيف تم استبداله بأسير حرب حوثي: "حاولت أسرتي لفترة طويلة إطلاق سراحي. لقد دفعنا للحوثيين الكثير من المال مقابل لا شيء وحصلنا على وعود فارغة بعد أن استغلت قيادة الحوثيين الوضع، تفاوض زعيماً قبلياً كبير السن ومقرباً من أحد إخوتي بشأن صفقة بين الحكومة والجيش والحوثيين من أجل مبادلتي مع أحد السجناء الحوثيين، انتهت الصفقة وسُلمت إلى زعيم القبيلة، كنت محظوظًا لأنني سمح لي بالبقاء في صنعاء لمدة أسبوع لأن تبادل الأسرى يشبه الذهاب إلى المنفى لإخراجك بعيدًا عن أسرتك ومدينتك وبيتك الذي ولدت فيه، كنت محظوظاً لأن المنفى أفضل من العيش في سجن الحوثيين".
ويواصل العجلان قائلاً: "بالنسبة للتعذيب النفسي، كان هناك الكثير من هذا النوع، حيث كانوا يفزعوننا أثناء النوم، ويرهبوننا أثناء التحقيق بتهديدنا بإيذاء أو اختطاف أطفالنا أو زوجاتنا أو إخواننا".
وتشير الوثائق - لدى "المرصد الدولي لحقوق الإنسان" - إلى أنه في مرحلة ما على الأقل، نظرت سلطات الحوثي في تبادل الصحفيين مع المتمردين الحوثيين الذين تم أسرهم. تشير هذه الوثيقة إلى كيف ينظر إلى الصحفيين في اليمن بوصفهم أوراق مساومة لأي مقايضة محتملة لتبادل السجناء.
ووفق عبدالباري طاهر، النقيب السابق للصحفيين اليمنيين، فإن "غالبية الاعتقالات التي تتم، سواء في الشمال أو في الجنوب أو في الشرق أو في الغرب، كلها لأشخاص أبرياء ليس لهم علاقة بالحرب". واستطرد قائلاً: "في الواقع، يعد تبادل الصحفيين والمعتقلين السياسيين أو أولئك الذين اختفوا قسراً ويعاملون كأسرى حرب جريمة حرب في المقام الأول. إن تبادل هؤلاء الأشخاص مع سجناء آخرين جريمة شنيعة أيضاً".
وكان قد جرى اعتقال الصحفيين في مداهمتين منفصلتين؛ الأولى خلال مداهمة لفندق "قصر الأحلام" في صنعاء في يونيو 2015، حيث انتقل العديد من الصحفيين للإقامة هناك نظراً لما يوفره من مرافق الاتصالات والكهرباء التي يحتاجها الصحفيون في عملهم لتغطية الحرب. أما صلاح القاعدي، اعتقل فيما بعد في مداهمة لمنزله في 28 أغسطس من نفس العام، وبعد اختطاف القاعدي، عادت القوات الحوثية وطالبت الكمبيوتر المحمول، وتم احتجاز جميع الصحفيين في سجن صنعاء، وكان بعض الصحفيين المعتقلين يعمل في وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح اليمني الذي يدعم حكومة اليمن المعترف بها دوليًا ويعارض سيطرة الحوثيين على اليمن.
أثناء أسرهم، كان الصحافيون يُجردون من ملابسهم ويضربون ويتعرضون لتعذيب وحشي، وتم توثيق التعذيب الذي تعرضوا له من قبل "جمعية أمهات المعتقلين" اليمنية غير الحكومية المعنية بأوضاع المعتقلين السياسيين، وأفادت جمعية "مراسلون بلا حدود" بأن العديد منهم أجبروا على الإدلاء باعترافات تم تصويرها بعد تعرضهم للتعذيب وحرمانهم من الطعام، وهو ما تحقق منه أيضاً المرصد الدولي لحقوق الإنسان.
خلال فترة الاعتقال الطويلة، تُظهر الوثائق أنه في العام 2016 لم يُسمح للصحفي عصام أمين أحمد بلغيث بالحصول على الأموال التي خصصتها له أسرته خلال فترة وجوده في السجن، لذلك لم يتمكن من شراء الطعام. وبعد مرور نحو عام، بدأ إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على حالته.
لم يُسمح للصحفيين بالتحدث إلى محاميهم أو وسائل الإعلام أثناء احتجازهم. علاوة على ذلك، كان فيروس كورونا سبباً في منع السلطات اليمنية الزيارات عن السجناء، حتى عندما سُمح بالزيارات، كانت محدودة للغاية وتجري في حضور حراس السجن ولمدة خمس دقائق فقط، وفقاً ل"منظمة العفو الدولية".
وفي هذا الصدد، تحدث وضاح المنصوري، شقيق الصحفي توفيق المنصوري، عن محنة شقيقه وتأثيرها على أسرته قائلاً: "نقلته الميليشيات إلى ستة سجون، بدءاً بسجن البحث الجنائي، وهو الآن محتجز في سجن الأمن السياسي بصنعاء، ولا يمكننا زيارته، آخر مرة قمنا بزيارته كانت قبل عامين ونصف تقريباً عندما زارته والدتي، وقد تعرض خلال الزيارة الأخيرة للضرب المبرح أمام والدتي التي تضررت بشدة، ثم نُقل إلى عنبر انفرادي، ولم نتمكن من رؤيته منذ ذلك الحين".
ويضيف: "أخي توفيق حالته الصحية سيئة للغاية، أتذكر أن نقابة الصحفيين واتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين ناشدوا قبل عامين منظمات مختلفة لإنقاذه بعد تدهور صحته نتيجة التعذيب المستمر والوحشي والحرمان من الطعام وممارسة أسوأ التعذيب الجسدي والنفسي".
إجراءات المحاكمة الحوثية
كلفت ميليشيات الحوثي المحكمة الجنائية المتخصصة في صنعاء بالنظر في قضايا "الإرهاب" و"أمن الدولة"، لكنها في الواقع، باتت محكمة صورية للتنكيل بمعارضي نظام الحوثي، بمن فيهم الصحفيون، الذين يطبق عليهم عقوبة الإعدام بشكل متكرر.
في سبتمبر من العام الماضي، خضع 30 أكاديمياً ونقابياً ومثقفاً ورجال دين بارزين لمحاكمات جماعية وتلقوا أحكامًا مماثلة بالإعدام بتهمة "التجسس"، وفي العام 2018، أصدرت هذه المحكمة أول عقوبة إعدام في اليمن بحق امرأة بتهم مماثلة تتعلق بالتجسس، ووصفت "منظمة العفو الدولية" الحكم الصادر ضد أم تبلغ من العمر 22 عاماً بأنه "جزء من نهج أوسع للحوثيين يستخدمون من خلاله القضاء لتسوية حسابات سياسية"، وهو نفس الاستنتاج الذي توصلت إليه المنظمات غير الحكومية المحلية.
وقال توفيق الحميدي، محامٍ ورئيس مؤسسة سما لحقوق الإنسان في اليمن، قبل صدور الحكم: "قضية الصحفيين العشرة قضية خطيرة لأنهم أحيلوا إلى هذه المحكمة المتخصصة التي أصدرت حتى الآن أكثر من 100 حكم بالإعدام"، واستطرد قائلاً: "واجه هؤلاء الصحفيون العديد من الانتهاكات، أهمها الاختفاء القسري الذي تعرضوا له ولم تعرف أسرهم وجهتهم منذ عامين".
ورد في لائحة الاتهامات التي أعدتها النيابة العامة في القضية رقم 40 للعام 2019 (المسجلة تحت رقم 258 لسنة 2017) أن الصحفيين المعنيين أذاعوا "أخباراً وبيانات وشائعات ذات طبيعة كاذبة وخبيثة، وروجوا لدعايات تحريضية بقصد إضعاف الدفاع عن الأمة، وتثبيط الروح المعنوية العامة، وعرقلة جهود الأمن العام، وخلق حالة من الذعر بين الناس، والإضرار بالمصالح العامة".
كما طالبت لائحة الاتهام التي أعدتها النيابة بتطبيق عقوبة الإعدام في إشارة إلى ضرورة أن يتلقى الصحفيون "عقوبات قصوى" وفقًا للمواد 16 (التي تتضمن عقوبة الإعدام) وكذلك البنود 21 و103 و136 من المرسوم الجمهوري رقم 12 للعام 994. ويؤكد المرصد الدولي لحقوق الإنسان أن الإدانة الخاطئة لهؤلاء الصحفيين في 11 أبريل 2020، تمثل ضربة قاسية لحرية الصحافة في الشرق الأوسط وغرب آسيا، لذا يدعو إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن هؤلاء الصحفيين والسجناء السياسيين الآخرين المحتجزين في سجون الحوثيين، ونظراً إلى تفشي وباء كورونا، فيمكن أن تصبح عقوبة السجن عقوبة قاتلة.
ولم يكن من المستغرب أن يتوقف العديد من الصحفيين اليمنيين المفرج عنهم عن ممارسة مهنة الصحافة والإعلام. ولأن الشعب اليمني في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الصحافة الحرة وغير المقيدة، فقد حان الوقت لرفع الرقابة والسماح للصحفيين بالقيام بعملهم دون خوف أو محاباة، وإجبار الميليشيات الحوثية على احترام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222 الذي اعتمد في العام 2015، وحث جميع الأطراف إلى حماية الصحفيين، وهو ما دعت إليه أيضاً اتفاقية جنيف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.