يتساءل بعض أفراد المجتمع عن صيام الأطفال في شهر رمضان المبارك، ما فوائده؟ وهل هناك ضرر عليهم؟ وما أفضل عمر للانطلاق بالصوم؟ حول هذا الموضوع قال توفيق الناصر: يأتي رمضان في كل عام فيستقبله الكبار والصغار بسعادة غامرة، وعلى الرغم أن الأطفال لا يجب عليهم الصوم، فهم غير مأمورين به شرعاً، إلاّ أن تعليمهم أحكامه في سن مبكرة فيه تأسيس لهم على معرفة خصائص هذا الشهر الكريم، فالعلم في الصغر كالنقش على الحجر كما في المثل المعروف، ومن ذلك تعويدهم على الصيام بحسب ما يطيقون، بطريقة التدرج بما لا يسبب ضرراً صحياً لهم، فيصوم الطفل جزءاً من اليوم ويفطر فيما تبقى منه، وهكذا شيئاً فشيئاً بحسب طاقته حتى يعتاد على صوم اليوم كاملاً. وأضاف: لا نغفل جانب التحفيز والتشجيع له أمام أفراد الأسرة، ونشيد بصنيعه أمامهم، وأن ما قام به يعد إنجازاً مهماً ومفخرة للأسرة، ومن الأمور التي تعين الطفل على الصيام وجبة السحور، ومشاركة الأسرة هذه الوجبة المباركة كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة"، فتناول وجبة السحور يقلّل قدر الإمكان من شعوره بالجوع في اليوم التالي، وينبغي تعليم الطفل أن الصيام ليس هو الامتناع عن الطعام والشراب فحسب، بل هو تهذيب للنفس، فلا غش ولا كذب ولا خداع ولا غيبة ولا نميمة، وهكذا تسمو نفس الطفل بأخلاق الإسلام. وأوضح عيسى بو موزة - تربوي - أن في حديثنا عن التربية الدينية للطفل بشكل عام، فإننا نتحدث عن أمرين مهمين وهما الجانب العبادي العملي، والجانب الفكري العقائدي، وهما بلاشك متلازمان في هذه التربية، والصوم هو إحدى هذه العبادات التي ينبغي على المربي أن يغرسها لدى طفله، مبيناً أن من أهم ما ينبغي على المربي مراعاته في التربية الدينية، مراعاة مرحلة الطفل من حيث القدرة والتمييز، كما يجب مراعاة التدرج في العبادة والتلطف في الأمر بها، مع وجود القدوة الوالدية التي تؤثر بشكل كبير في التربية. وأشار إلى أنه يبدأ الطفل في عمر سبعة أعوام في التفريق بين الواقع والخيال، مما يستدعي تدريبه على الصلاة، ويأتي السؤال هنا هل لدى الطفل القدرة على الصيام في هذا العمر؟ فإن الوجوب الحقيقي للعبادات يتحقق مع بلوغ الصبي مرحلة الحلم والتكليف الشرعي، ولكن هذا لا يمنع أن نبدأ في تدريبه على الصيام ولو جزءًا من النهار ليعتاد على الصيام، ومن الخطأ تكليف الطفل ما لا طاقة له به بفرض الصيام عليه مع عدم قدرته، خصوصًا أنه كثير الحركة واللعب ويفقد في حركته جزءًا كبيرًا من السوائل، خاصةً في حال كان الصيام في الصيف مما قد يتسبب له بمضار صحية. وذكر أنه من المهم أن يركز المربي على أمور في حثه لأطفاله على الصيام من خلال: التدعيم الإيجابي للطفل عبر رفع الهمة لديه، وجميل أن يحرص المربي في هذا الشهر على أن يراجع أساليبه التربوية ويقيمها ويعدل ما يحتاج منها إلى تعديل وأن يفتح صفحة جديدة مع أطفاله، ومن الرائع أن يلحظ طفلك تغيرًا في سلوكك التربوي معه وأن تعتذر منه إن أخطأت بحقه، ففي هذا التصرف درس تطبيقي عظيم للطفل بأن شهر رمضان فرصة رائعة للتغيير الإيجابي للسلوك الإنساني لمرضاة الله تعالى وأن قدوته في ذلك هو والده، واللغة الإيمانية الأخلاقية التي نتداولها في البيت كالذكر الدائم لله تعالى وقراءة القرآن الكريم والأحاديث والأذكار والألفاظ الأخلاقية في تعاملنا مع الطفل تجعل تلك اللغة دارجة على لسانه ومؤثرة إيجابيًا في حياته. توفيق الناصر عيسى بو موزة