ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت). فصيام رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام فرضه الله على عباده في السنة الثانية من الهجرة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، فمن حضر الشهر صحيحاً مقيماً؛ وجب عليه الصوم، ومن كان مريضاً أو مسافراً؛ فله الفطر ثم القضاء، وكان صلى الله عليه وسلم يبشر برمضان، فقال -عليه الصلاة والسلام- كما عند الطبراني (جاءكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء، ينظر الله على تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله)، ورمضان مغفرة للذنوب؛ لمن أخلص فيه لله واحتسب، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه..) ، وللصوم جزاء خاص وشرف عظيم اختص الله جزاءه وأضافه له كما قال -عليه الصلاة والسلام-: يقول الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عندالله من ريح المسك). هذا الركن العظيم والعبادة الجليلة، وتخصيص وجوبها في هذا الشهر العظيم الشريف فيه بيان سعة رحمة الله على عباده بمواسم الخيرات، واجتماع أركان الإسلام وشرف الزمان؛ ليتزود المسلم من الخيرات المضاعفات (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)، فالإيمان يزيد بالطاعة كما ينقص بالمعصية؛ ولهذا بيّن صلى الله عليه وسلم، أن رمضان موسم استثنائي تقبل النفوس المؤمنة على الخيرات، ولا مكان لباغي الشر فيه "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة". فليس بعد هذا العطاء من عطاء ويا حسرة من أدركه، فلم يرحمه الله، فاللهم اشملنا برحمتك واجعلنا في الفائزين.