تطالعنا الأخبار الرياضية العالمية عن قرارات العديد من الأندية في غالبية دول العالم بتخفيض رواتب لاعبيها وفي مختلف الألعاب الرياضية، خصوصاً في الأندية الكبيرة العريقة، وهذا كله نتيجة لتوقف اللعب بسبب جائحة كورونا، وبطبيعة الحال فإن مردودات الأندية المالية انخفضت بشكل كبير نتيجة توقف الدوريات والأنشطة الرياضية، بل إن بعضها ليس لديه إيرادات نهائياً، ولا شك أن قلة قليلة من الأندية لم تتأثر أو كان تأثرها محدوداً، لكن بنظرة سريعة خاصة على بلادنا العربية سنجد أن غالبية الأندية تعتمد في مواردها على ما تحصل عليه من دعم حكومي من وزارات الرياضية والاتحادات الأهلية، بينما هنالك أندية منذ أكثر من عقد من الزمان بدأت بالتفكير بشكل استثماري لضمان إيراد متدفق لها ثابت ومتزايد.. المشكلة أن هنالك تناقضاً يحتاج إلى تفسير وتوضيح فالأندية ذات الدخل المحدود والتي لا تحظى بدعم حكومي دائماً ما تبرر ضعف إمكاناتها بعامل الشعبية الجماهيرية والمحبين، وأعضاء الشرف الداعمين، وهنا أذكر أحبتي القراء والرياضيين بأن هناك أندية كبيرة وغنية بفضل الله ثم دعم أعضاء الشرف والرموز ويختلف الوضع ما بين مجموعة وفرد يدعم لوحده، وبنفس الوقت نجد أن الأندية أذت الجماهيرية الكبيرة وبنفس الظروف بل وتزيد عليها التزامات وإنفاقات شهرية وسنوية ما هو أعلى بكثير من صرف والتزامات الأندية الأقل جماهيرية، وهو ما يطرح السؤال لماذا هذه الأندية الكبيرة لم ولن تستفيد من جماهيريتها من الناحية التسويقية والاستثمارية؟ تذكرت قبل سنوات قليلة عندما خرج الفريق الملكي ريال مدريد من أحد المواسم خالي الوفاض من دون أي بطولة أو لقب، وكيف أن جماهيره على مستوى العالم كله وليس إسبانيا فقط قد ضجت وثارت على فلورنيتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد، وهو رجل أعمال مشهور جداً، وسبب الثورة عليه أنه لم يصرف كثيراً على عقد صفقات شراء لاعبين يعيدون النادي إلى مكانته الحقيقية، وأذكر أن من ضمن ما كانت الردود المؤيدة لبيريز أنه كرئيس نادٍ يهتم حالياً بالعمل على بناء وتجديد ملعب النادي الرسمي سانتياجو برنابيو، حيث علل بيريز موقفه هذا بأن هذه التعديلات على النادي بالتصميم الجديد ستعمل على إدخال عائدات مالية للنادي قد تتجاوز ال 200 مليون يورو سنوياً، وأن مثل هكذا استثمارات مهمة جداً للغاية حتى يستطيع ريال مدريد من الاستمرار مهما كانت الظروف. نعم جائحة كورونا ألزمتنا لأجل السلامة بالمكوث في البيت، ولكن لا مانع من أن نسأل ماذا فعلت أنديتنا الجماهيرية خلال العقد الماضي على الأقل لكي تؤمن نفسها من الناحية الاستثمارية التمويلية؟ فكل نادٍ يؤمن نفسه يعني أن هنالك نادياً أقل جماهيرية سيحصل على دعم أكثر من الدولة، أما نظرية الاعتماد على دعم الحكومة وأعضاء الشرف الداعمين، فالأمر مجرد مسألة وقت لأن الأوضاع الاقتصادية لا تسمح بدعم أندية لا تدعم نفسها أساساً. نحتاج إلى رؤية وطنية من روح الرؤية الخاصة ب2030، تخطط كيف تعمل الأندية على تأمين نفسها بمدخولات مالية ثابتة، وطبعاً هذا الأمر لن يتم إلا من خلال فكر استثماري متميز وريادي، وبنفس الوقت استغلال عامل الجماهيرية بدلاً من إضاعة الوقت بعمل دورات وندوات عن الاستثمار الرياضي، وهي غير مجدية كلياً ولعل الخطوة الأهم هي أن توقع الأندية أو تؤسس لإدارات استثمارية تحقق أهدافها ضمن خطط مدروسة وصحيحة ورقابة حكومية بأن تحدد لكل نادي فترة زمنية حتى يستقل مالياً بذاته، مع مراجعة خططهم وعملية تنفيذها بشكل دوري لضمان حسن سير الاستثمار وجدية التوجه والرقابة على أموال كل نادي.