مما مضى نستلهم الدروس، وما نقرأه في تاريخ أجدادنا يعد رصيد خبرات نقابلها بالاعتبار والصبر والتحمل وأيضا توقع تكرار ما وقع وتشابه المعالجة. والجائحات والأوبئة والأمراض والمجاعات التي أصابت بلادنا خاصة والعالم عامة في زمن مضى هي صور تتكرر ربما أكثر من فترات الاستقرار والازدهار لكن الله أعان وسلم وكان في عون خلقه. والمجتمع يتجاوز كل فترة بحول من الله وقوته فيستعيد الكثير من النشاط، ويقبل على الحياة من جديد بكل جدية وتفاؤل. هذه الجائحات وسنوات الشدة, طالت الأرواح والممتلكات ولم تكن في معظم وقوعها وأزمنتها تقابل بجهد يبذل من منظمات وتحالف دولي، والسبب عدم وجود المنظمات والهيئات، كما أن الدول لم تصل بعد لنظام يجمعها وتخطيط يضع في الاعتبار تعاوناً دولياً كما الآن. كانت المجتمعات تجابه الشدائد في معزل كل مجتمع على انفراد بعيداً عن التواصل وعن الأنظار وعن أي مساعدة بشرية، وكان اعتمادها على الله والتوكل عليه ورجائه. وإذا كان التاريخ يعيد نفسه، فإنه قد يعيدها بصياغة أخرى وحالة مختلفة، ففي الجائحة الوافدة الإسبانية 1337ه مثلاً وكذلك الطاعون الذي تكررت زيارته في حقبة مضت ولأكثر من إقليم، نرى اليوم صورته تكررت مع المرض الفيروسي كورونا الجديد "كوفيد - 19"، الذي انتشر في جميع دول العالم في هذا العام 2020م، يحمل صورة الماضي. . صورة عادت بعد 100 سنة مضت، مشابهة بكل تفاصيل القلق والشعور بالضعف والتعامل مع الوضع القائم بواقعية، لكن ولأن اليوم توجد منظمات وهيئات ودول ذات سلطة وقوانين، وأنظمة حديثة ملزمة، فإنها تحاول تطبيق كل ما من شأنه التخفيف من الأزمات وما يترتب عليها، فجاءت المبادرات التي تمثلت في الكشف المبكر والمسح النشط، والتحرز والعزل وحظر التجوال ..إلخ كما هيأت وسائل تقنية تمكن من التواصل من دون التلاقي الجسدي الذي قد يكون سبباً في العدوى وانتقال المرض. ومن يطلع على الإجراءات التي اتخذتها الدول كافة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية حيث فاق اهتمامها أكثر الدول تقدماً، وتعد أول الدول التي تنبهت سريعاً لخطورة الأوبئة، وبادرت بوضع كل ما تستطيع من إمكانات في الوقت المناسب، من أجل المواطن وحماية الإنسان على أرضها ودعم الجهود الدولية للحد من انتشار المرض، وهيأت جميع أجهزتها وعلى رأسها وزارة الصحة والداخلية وغيرهما مع توفير الدعم المادي والمعنوي الذي يمكنها من القيام بدورها على أكمل وجه، وتهيأت المراكز والمستشفيات والأقسام والطاقم الطبي كله لخدمة الوطن، وأهله ولاتخاذ ما يلزم في مثل هذا الأمر، بما يؤكد للمراقب عن قرب أن الإنسان يأتي أولاً في اهتمامات الدولة وقيادتها، ووقايته وحمايته بعد حماية الله وحفظه تتقدم كل الأنشطة سواء الاقتصادية أو الثقافية أو الترفيهية أو غيرها، وهذا يتضح من قرارات وتوجيهات وقف أي نشاط خارج منظومة الصحة وقاية وعلاجاً، وذلك بغرض تجنيب المواطن أي معاناة. واتخذت التدابير العاجلة لمنع التجمعات كما في الرياضة والمناسبات والأسواق، وكذلك حماية الطلاب والموظفين والتعليم منعا للتقارب الجسدي الذي يمكن أن يؤدي إلى انتقال المرض وانتشاره، وتحولت الوظائف والعمل والتعليم من مباشر إلى عمل وتعليم عن بعد. وفي هذا الشأن لم يغفل الشعراء عن التعبير عن ذلك. يقول الشاعر خالد الحمد، في أبيات تضمنت الدعاء والتضرع قال فيها: ياربنا ضاقت بنا كل الدروب يامن إليك المشتكى ألطف بنا واشرق لنا شمسً توارت فالغروب واذهب يارب الباس واكشف غمنا اشتقنا للمسجد ولأصوات الخطوب وشوف الجماعة حولنا وبصفنا اشتقنا للمّة وشاقتنا القلوب ولشوفة الاحباب في مجلاسنا كما يقول الشاعر الهاب بدر، في أبياته ودعائه: يا الله ترحمنا برحمتك يا رب وبأمرك وعفوك ترفع الضر عنا من شي حيّر كل الأبحاث والطب كل البشر من سطوته ما ارجهنا وانت اللطيف وغير طبك فلا طب وحنا بلا رحمتك لا طب منا كما يقول الشاعر الهاب، أيضا في أبيات وطنية: مالي وطن ثاني إليا جيت للجد أموت وأحيا با التراب السعودي بترابها مولود جد على جد من آدم الاول وهذا وجودي عشنا بها يوم الزمن جزر مع مد وبموت فيها واندفن مع جدودي تعقيم المسجد الحرام جهود من أجل المواطن والمقيم ناصر الحميضي