650 طبيباً سعودياً يحاربون كورونا في المستشفيات الألمانية أكد سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى المملكة يورغ راناو في حديث ل»الرياض» أن المملكة العربية السعودية شريك مهم لألمانيا في المعركة العالمية ضد فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» حيث إنها بتوليها رئاسة مجموعة العشرين قد أضطلعت بمسؤولية خاصة لتنسيق الجهود الدولية في المجال الطبي والاقتصادي، علمًا أن هناك اتصالات مستمرة على جميع المستويات. وقبيل قمة زعماء دول مجموعة العشرين الافتراضية حول كوفيد-19، تحدث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن جائحة كورونا وردة فعل المجموعة عليها. ووصف السفير العلاقات بين ألمانيا والمملكة بالحيوية وطويلة الأمد، وقال: «نعمل على متابعة جدية لعدد من المبادرات». مذكرا على سبيل المثال، باللجنة السعودية الألمانية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني التي انعقدت في برلين ديسمبر 2019م، وتناول الاجتماع الاتجاهات المستقبلية بما في ذلك الجيل الرابع من الصناعة، والتحول الرقمي، وحلول الطاقة المستدامة، فضلا عن الفرص الجديدة في مجالات السياحة والترفيه بالمملكة. وأضاف: «لقد قام وفد ثقافي كبير برئاسة مدير عام دائرة الثقافة والإعلام بوزارة الخارجية الألمانية د. أندرياس غورغن، بزيارة الرياض يناير 2020م، وذلك لاستكشاف فرص التعاون في مجالات السينما والمتاحف والآثار. علاوة على ذلك فإن المملكة وألمانيا تبحثان سبل تطوير شراكة هادفة في مجال الطاقة». وإنني أرى أن العمل على أمن واستدامة الطاقة بأسعار معقولة على المدى الطويل هو أحد مجالات التعاون المهمة. وفيما يلي نص الحوار: * كيف تقيمون انتشار الوباء في ألمانيا، وهل هناك إطار زمني متوقع لاستمرار الأزمة؟ * كوفيد-19 جائحة عالمية جميعنا تأثر بها، وألمانيا في ذلك ليست استثناء. لذلك فإن الحكومة الاتحادية الألمانية قد اتخذت إجراءات حاسمة، وكان من بين التدابير التي تم اتخاذها في مرحلة مبكرة إغلاق المدارس والجامعات وإلغاء المناسبات والتجمعات الدينية، بالإضافة الى إصدار تعليمات واضحة بالتباعد الاجتماعي. هذا وقد شهدنا خلال الأيام الماضية انخفاضًا في عدد الإصابات الجديدة في ألمانيا. صحيح أننا لم نصل إلى ذروة الوباء، إلا أنه يمكننا الآن رؤية هذه الذروة. أما فيما يتعلق بالوقت الحالي، فإنه يجب مراعاة التدابير اللازمة لمنع انتشار الوباء بشكل أكبر. في الوقت نفسه، يتساءل العديد من الناس في ألمانيا: كيف يمكننا العودة إلى حياتنا الطبيعية؟ ولقد تم تناول هذا السؤال في دراسة أجرتها الأكاديمية الألمانية للعلوم – ليوبولدينا (Leopaldina) بتكليف من الحكومة الألمانية، حيث إن هذه الدراسة تحدد نهجاً متدرجًا خطوة بخطوة بمجرد وصول عدد الحالات الجديدة إلى مستوى منخفض ومستقر، كي يبقى النظام الصحي مستعدًا بما فيه الكفاية لتقديم العناية لجميع الحالات. ولذلك، لقد اتفقت المستشارة ميركل مع رؤساء حكومات الولايات الفيدرالية على إعادة فتح المتاجر والمدارس في الأسابيع المقبلة. ولكن ستبقى الإجراءات العامة للتباعد الاجتماعي مثل إغلاق المطاعم والمقاهي وحظر السفر غير الضروري والتجمعات والفعاليات سارية في الوقت الحالي. * كيف تسير وتيرة الأبحاث الطبية في ألمانيا لاكتشاف لقاح لكورونا؟ * قامت الحكومة الألمانية في منتصف شهر مارس بتخصيص 145 مليون يورو للبحوث المتعلقة بفيروس كورونا، وذلك من أجل فهم الفيروس وطرق انتقاله بشكل أفضل والسعي للحصول على دواء جديد لعلاج المصابين بكوفيد-19 وتطوير لقاح ضده. أما الأموال الإضافية فيتم تخصيصها بشكل أساسي لتحالف ابتكارات التأهب الوبائي (CEPI)، وهي شراكة دولية بين القطاعين العام والخاص لأبحاث اللقاحات. بالإضافة إلى ذلك، قدم الاتحاد الأوروبي 140 مليون يورو لأبحاث اللقاحات، حيث تم منح 80 مليون منها إلى شركة كيورفاك (CureVac) الألمانية، وذلك من أجل تطوير لقاح للمرض. علمًا أن الحكومة الألمانية قد خصصت 150 مليون يورو أخرى إلى شبكة بحثية تضم مستشفيات جامعية ألمانية من أجل تبادل المعرفة حول تشخيص وعلاج كوفيد-19. * ما الإجراءات التي تتخذها ألمانيا لمواجهة الجائحة؟ * لقد تطلب التعامل مع كوفيد-19 اتخاذ إجراءات فورية على جميع المستويات: المحلي والوطني والأوروبي والدولي. وبعد اتخاذ إجراءات الطوارئ الأولى على المستويين المحلي والوطني، انتقلنا في المرحلة الثانية إلى مساعدة بعضنا البعض على المستوى الأوروبي وعلى المستوى الدولي. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم نقل حوالي 200 مريض من دول الاتحاد الأوروبي – خاصةً من فرنساوإيطاليا – إلى ألمانيا لتلقي العلاج، حيث قامت القوات الجوية الألمانية بنقل عدد كبير منهم إلى عدد من المستشفيات الألمانية. أضف إلى ذلك أنه تم تخصيص 50 مكاناً إضافيا لمرضى الاتحاد الأوروبي. كما قمنا بإرسال سبعة أطنان من الأقنعة الطبية ومعدات الوقاية الأخرى إلى إيطاليا، وأرسلنا بعض الفرق الطبية الألمانية إلى إيطاليا وإسبانيا. وللتخفيف من الأثر الاقتصادي لكوفيد-19، وافقت دول منطقة اليورو على مجموعة من التدابير بحجم إجمالي يبلغ 500 مليار يورو لحماية الاقتصاد، بما في ذلك دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال بنك الاستثمار الأوروبي، وكذلك مخطط لدعم العاملين على أساس عقود قصيرة المدى، وشبكة أمان للدول الأعضاء من خلال دعم آلية الاستقرار الأوروبية. علاوة على ذلك، زادت ألمانيا مساعداتها الإنسانية للبلدان المتأزمة، بما فيها دول من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث دعمت ألمانيا منظمة «الأونروا» بمبلغ إضافي قدره 31 مليون يورو، وذلك لتوفير الخدمات الصحية في قطاع غزة، بالإضافة إلى 22 مليون يورو أخرى للسماح بالتحويلات النقدية للفئات الضعيفة في سورية ولبنان بشكل خاص، كما وفرت ألمانيا 2.8 مليون يورو من أجل دعم حملة للتوعية وكذلك لتوفير معدات الوقاية. * كيف ترون الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة لمواجهة كورونا؟ * حكومة المملكة اتخذت إجراءات فورية وحاسمة، مرتكزة في ذلك على أساس من الخبرات العلمية، وأنا واثق من أن هذه الإجراءات سوف تنجح في النهاية. كما إنني أود أن أشيد بالسلطات السعودية كونها جعلت صحة المواطنين والوافدين على رأس أولوياتها. ومن الأمثلة على ذلك قرار خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بتقديم الرعاية الطبية لجميع مرضى كوفيد-19 في المملكة مجاناً. إنني واثق كل الثقة في قدرة النظام الصحي في المملكة على التعامل مع تأثيرات كوفيد-19، حيث قرر معظم المقيمين الألمان البقاء في المملكة. إلا أن السائحين الألمان الذين يحملون تأشيرة قصيرة المدى وعدداً من المقيمين الآخرين قد قرروا العودة إلى ألمانيا. وفي ظل هذه الأوقات الصعبة، فإنني ممتن للسلطات السعودية، لا سيما وزارة الخارجية ووزارة الداخلية والهيئة العامة للطيران المدني، أنهم قاموا بتوفير التسهيلات المطلوبة من أجل عودة مواطني بلدي وآخرين من مواطني دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في طائرات تجارية خاصة إلى أوروبا. * قامت المملكة بدور رئيس لتوحيد الجهود الدولية، وذلك من خلال دعوتها لاجتماع طارئ لقمة العشرين، ومن ثم دعوتها لحوار بين منتجي النفط، كيف تقيمون هذه المساعي؟ * في ظل الرئاسة السعودية، أولى رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين أهمية قصوى لاحتواء ومحاربة جائحة كوفيد-19، كما أبدوا التزامهم ببذل كل ما يلزم للتغلب عليها، حيث تعهدت مجموعة العشرين بدعم منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وآخرين، كما أعلنت المجموعة ضخ خمسة تريليونات دولار أميركي لإنعاش الاقتصاد العالمي وكلفت المسارات الوزارية لمجموعة العشرين، وعلى وجه الخصوص وزراء الصحة والمالية بمتابعة هذا الموضوع بشكل جاد. إن مجموعة العشرين كونها قد تأسست في ظل أزمة مصرفية، فإنها قد تطورت لتصبح المنتدى الرئيس للتعاون الدولي. وفي خضم الأزمة الحالية، التي قد تكون لها عواقب بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي، أصبح هناك حاجة ملحة للتنسيق الوثيق بين دول مجموعة العشرين. ولقد كان قرار مجموعة العشرين بتأجيل سداد الديون للدول الأكثر فقرًا في العالم رمزاً للتضامن الدولي وسيسمح للدول المتضررة بالتركيز على توفير الرعاية الصحية في هذه الأزمة الحالية. وهنا أكرر أشادتي بالمملكة على توليها توجية مجموعة العشرين في هذه الأوقات الصعبة. * ذكر الملحق السعودي في ألمانيا بأن 650 طبيباً سعودياً مبتعثين يعملون في مستشفيات ألمانيا مع زملائهم الألمان في مواجهة وباء كورونا، كيف ترون هذا التعاون بين البلدين؟ * لقد شاهدت إعلان الملحق الثقافي السعودي في برلين د. منير العتيبي عن تواجد 650 طبيباً سعودياً في المستشفيات الألمانية. وأود أن أعبر عن كامل تقديري وامتناني لهؤلاء الأطباء السعوديين المتواجدين في ألمانيا حالياً. حيث يعمل الكثير منهم في المستشفيات الألمانية كجزء من تدريب الامتياز الطبي، والذي كان وما زال ركيزة قوية للتعاون الألماني السعودي منذ عدة سنوات. إن هؤلاء الأطباء يعملون جنباً إلى جنب مع زملائهم الألمان في الخطوط الأمامية لمكافحة كوفيد-19، لذلك شكرًا لكم على مساعدتكم ودعمكم. * ما هي أهم أشكال التعاون القائم بين المملكة وألمانيا، وما هي أهم الخطوات التي يمكنها تقريب وجهات النظر بين البلدين؟ * تربط ألمانيا والمملكة علاقات حيوية طويلة الأمد. وعلى الرغم من أن الجائحة قد أوقفت تدفق الوفود المستمر ذهابًا وإيابًا، فإننا نعمل على متابعة جدية لعدد من المبادرات. واسمحوا لي أذكر على سبيل المثال اللجنة السعودية - الألمانية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني التي انعقدت في برلين في ديسمبر 2019م، حيث ترأس اللجنة كل من الوزير الألماني للاقتصاد والطاقة بيتر ألتماير ووزير المالية السعودي محمد الجدعان، وتناول الاجتماع الاتجاهات المستقبلية بما في ذلك الجيل الرابع من الصناعة، والتحول الرقمي، وحلول الطاقة المستدامة، فضلا عن الفرص الجديدة في مجالات السياحة والترفيه بالمملكة. ولقد قام وفد ثقافي كبير برئاسة مدير عام دائرة الثقافة والإعلام بوزارة الخارجية الألمانية، د. أندرياس غورغن، بزيارة مدينة الرياض في يناير 2020م، وذلك لاستكشاف فرص التعاون في مجالات السينما والمتاحف والآثار. علاوة على ذلك فإن المملكة وألمانيا تبحثان سبل تطوير شراكة هادفة في مجال الطاقة، وإنني أرى أن العمل على أمن واستدامة الطاقة بأسعار معقولة على المدى الطويل هو إحدى مجالات التعاون المهمة. والمملكة شريك مهم لألمانيا في المعركة العالمية ضد مرض كوفيد-19. حيث إن المملكة بتوليها رئاسة مجموعة العشرين قد أضطلعت بمسؤولية خاصة لتنسيق الجهود الدولية في المجال الطبي والاقتصادي، علمًا أن هناك اتصالات مستمرة على جميع المستويات. وقبيل قمة زعماء دول مجموعة العشرين الافتراضية حول كوفيد-19، تحدث ولي العهد وميركل عبر الهاتف عن جائحة كورونا وردة فعل المجموعة عليها. هذا وسوف تتولى ألمانيا في وقت لاحق من هذا العام الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، ولقد أعلن وزير خارجيتنا هايكو ماس عن نيته لتكريس هذه الرئاسة للتغلب على جائحة كوفيد-19 وتداعياتها.