بشجاعة كبيرة وروح تضحية عالية، تطوع الأطباء المسلمون ضمن الصفوف الأولى في الحرب العالمية ضد فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، لتقديم يد العون، ومساعدة الموبوئين رغم صعوبة المهمة. وأضحت قصص الأطباء المسلمين، وإنجازاتهم محل إشادة إعلامية واسعة في بريطانيا، التي خصصت كبريات صحفها عدة مقالات للحديث عن بطولاتهم، وتفانيهم في العمل. وتناولت الصحف البريطانية بشكل مستفيض قصة الطبيب المسلم عبدالكعبود شودري. وقالت صحيفة «الغارديان»: «الطبيب شودري، الاختصاصي في المسالك البولية بمستشفى هومرتون في شرق لندن، توفي بعد قضائه 15 يومًا في مستشفى كوينز، رومفورد». وأبرزت ذات الصحيفة، أنه في شهر مارس المنصرم، نبّه شودري رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في منشور على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إلى الحاجة الملحة لتوفير معدات الوقاية الشخصية للموظفين في القطاع الصحي المتجندين في الخطوط الأمامية، لمكافحة الفيروس، وإلى ضرورة اللجوء إلى إجراء الاختبار السريع لعمال الصحة. وأشاد فيليب غلانفيل، عمدة هاكني، بالدكتور شودري واصفًا إياه ب»البطل» الذي توفي في خدمة بلدته، وينحدر شودري البالغ من العمر 53 سنة من بنغلاديش. وأضاف في تغريدة: «وفاته كانت بمثابة تذكير واقعي بالأرواح المفقودة، للحفاظ على سلامتنا». ونعت جمعية الأطباء المسلمين، الدكتور شودري معبرة عن «الحزن العميق» لوفاته، وقالت «توفي تاركا وراءه زوجته وطفليه. أفكارنا وصلواتنا معهم». بالمقابل نشرت جريدة «الديلي ميل» البريطانية، تقريرا مفصلاً عن الأطباء المسلمين الذين لقوا حتفهم أثناء الخدمة بالمستشفيات البريطانية. من بين هؤلاء الدكتور ألفا سعدو «الأسطورة الحية» كما وصفته الديلي ميل، ويبلغ من العمر 68 عامًا وهو من أصول نيجيرية. توفي في 31 مارس بعد صراع مع الفيروس، وهو يعمل في مستشفى الملكة فيكتوريا التذكاري في ويلوين غاردن سيتي، هيرتفوردشاير. وقال لانس مكارثي، الرئيس التنفيذي لمستشفى الأميرة أليكسندرا للخدمات الصحية: «كان ألفا مشهورًا بشغفه لضمان تلقي مرضانا رعاية عالية الجودة. «لقد كان عضوًا ملتزما في الفريق ويتذكره الكثيرون باعتزاز، أرواحنا مع أسرته وأصدقائه في هذا الوقت الحزين». ومن بين الأطباء المسلمين الذين ضحوا بحياتهم، نجد الدكتور الباكستاني «حبيب الزايدي» الذي يحظى باحترام كبير منذ قدومه إلى بريطانيا في السبعينات. وأصيب الزايدي في 24 مارس الماضي، وتوفي بعد 24 ساعة فقط من دخوله المستشفى، وقال الدكتور خوسيه جارسيا لوبيرا، عميد الأطباء في مجموعة العيادات بساوث اند: «كان رجلًا محترمًا للغاية وغير أناني وكرس حياته لمساعدة الآخرين». الدكتور أمجد الحوراني، جراح الأنف والأذن والحنجرة «، الملتزم والمتفاني في العمل» لقي حتفه في 28 مارس في مستشفى غلينفيلد في ليستر، وتعد وفاته الأولى من نوعها في المملكة المتحدة لطبيب بدوام كامل نتيجة الإصابة بالفيروس منذ بدء الأزمة. ولد الدكتور حوراني في السودان وعمل بشكل رئيس كاستشاري وجراح الأنف والأذن والحنجرة ولكن قبل أن يصبح مريضًا، كان ينشط في العمل التطوعي أيضًا. وصرح غافين بويل، الرئيس التنفيذي في المستشفيات الجامعية في ديربي وبورتون: «الطواقم الطبية بأكملها في المستشفيات الجامعية تشعر بالحزن الشديد لفقدان أمجد الذي كان زميلًا عزيزا ومحبوبا جدا». بالمقابل تطوع الدكتور السوداني عادل الطيار، جراح زراعة الأعضاء، وصاحب الابتسامة اللطيفة للعمل بشكل مباشر مع مرضى فيروس كورونا، قبل أن يصاب بأعراضه أثناء علاج المرضى بمستشفى مقاطعة هيرفورد. من بين ضحايا الفيروس الذي لقي حتفه في ميدان المعركة، الدكتور محمد سامي شوشة، استشاري وأستاذ فخري في إمبريال كوليدج، توفي عن عمر يناهز 79 عاما، في أحد مستشفيات لندن بعد أسبوعين من إصابته بالمرض تاركا زوجة وابنتين. وكان البروفيسور المصري يعمل في مختبرات أبحاث السرطان في المملكة المتحدة منذ العام 1978 وأستاذًا فخريًا لعلم الأنسجة في إمبريال كوليدج لندن. قال ابن أخيه عبدالرحمن شوشة، لصحيفة «الصن» البريطانية: «كان حريصا على الذهاب إلى العمل في أيامه الأخيرة رغم المخاطر الصحية، ليفارق الحياة في الثاني من أبريل الجاري». وغردت تلميذته السابقة الدكتورة نيها تاباسوم في حسابها على تويتر: «صلواتي وأفكاري مع أسرته. إنه لأمر محزن للغاية سماع هذا الخبر، أنا أبكي فقدانه».