يدرك كل مسلم عِظم ما قدمه رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية من نصائح وتدابير ترسم مسار صحيحاً في حياة الفرد والمجتمع في شتى مجالات الحياة. إلا أن العالم الغربي أصبح يستشهد بما دل عليه النبي الكريم في زمن كورونا المستجد (كوفيد - 19)، ويلهم البشرية في القرن الواحد والعشرين، وهو ما يؤكد أن كل ما قاله قبل 14 قرنًا سيبقى صالحًا لكل زمان ومكان، حتى لو بلغ العالم أقصى درجات التقدم والتطور. ففي خضم ما يعيشه سكان الأرض من تغيير جذري عطل وتيرة حياتهم جراء جائحة كورونا، تبّرزُ تعاليم وإرشادات النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان وسيظل مرجعاً نلجأ إليه دائمًا. الاعتراف بما قدّمه الرسول للبشرية والإنسانية لم يعُد حكرًا على العرب والمسلمين فقط وإنما بات يُجهر به علنًا في المجتمعات الغربية، وخير مثال على ذلك ما نشرته صحفية "أي بي سي" الإسبانية التي سلطت الضوء على "نصائح النبي محمد المذهلة" في مواجهة الأوبئة، والتي جاءت متوافقة مع نصائح يُقدمها الأطباء والمختصون اليوم وعمل بها كل رؤساء الدول والحكومات للحد من تفشي كورونا. غسل اليدين مرارًا، والبقاء في المنزل، وعدم لمس أي شيء، والانعزال تمامًا عن الآخرين. تلك هي التوصيات التي لا تنفك وسائل الإعلام عن بثها دون انقطاع على المواطنين في محاولة لتجنب العدوى مع إصابة الكوكب بشلل تام يخضع فيه نصف البشرية للحجر الصحي. وهنا يشير الكاتب الإسباني "خوسيه مانويل نيفيز" في مقاله أن محمداً، آخر أنبياء الله، قبل 1400 عام، شدد على غسل اليدين بانتظام والبقاء في المنزل واحترام قواعد المسافة لمحاربة الأمراض المعدية، ليكون أول من أرسى مبدأ الحجر الصحي كإجراء وقائي في تاريخ البشرية. واستشهد خوسيه مانويل، في مقاله إلى ما نُشر قبل أيام على المجلة الأميركية "نيوزويك"، التي استعرض فيها الكاتب "كريغ كونسيدين"، وهو من قسم علم الاجتماع بجامعة رايس ومؤلف العديد من الكتب عن الإسلام، جملة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، حول انتشار الأمراض المعدية والأوبئة وطرق الوقاية منها كقوله: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها". وكذا "النظافة من الإيمان"، و"إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده". وهذه الأحاديث النبوية الشريفة، وصفها الكاتب الاسباني خوسي مانويل نيفيز، بالنصائح المذهلة للرسول قبل 1400 عام. كما استدل بما قاله الرسول الكريم عن الوقاية من الأمراض، وعدم الاكتفاء بالدعاء والصلاة فقط دون الأخذ بالأسباب وهو ما يعكسه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم". وتتطابق جل الأحاديث مع تعليمات الوقاية من جائحة Covid-19، التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية مع بداية انتشار الوباء، وهو ما جعل المجلة الأميركية تؤكد على لسان كاتب تقريرها أن نبينا الكريم كان حكيماً في الموازنة بين الإيمان والعقل، ودعا إلى التمعن في قصة رواها الترمذي عن استشارة أعرابي للرسول عن ناقته عندما قال الرجل: "يا رسول الله، أأعقلها وأتوكل أم أطلقها وأتوكل، قال: اعقلها وتوكل".