من الأشياء الملحوظة في أزمة كورونا وجود أناس يحاولون الثناء على العالم الإسلامي بالاستنقاص من الغرب، أو العالم غير الإسلامي، بعدة طرق، منها: بذل الغالي والنفيس لإظهار حالة الخوف والهلع الغربي من هذا المرض حين اشترى الناس كميات كبيرة جدًا من الكمامات والمعقمات، بل وحتى الأسلحة، في حين أن العالم الإسلامي لم يُظهر ردة الفعل نفسها، وفي أحد المقاطع ظهر داعية وهو يشيد بدور المسلمين الذين برزوا في هذه الأزمة، فرئيس إحدى الشركات مسلم، عمر إشراق، تبرع بحقوق الملكية الفكرية لجهاز التنفس الصناعي الذي تنتجه شركته، وأشار إلى الطبيبة المسلمة هبة مصطفى التي تقود فريقًا في جامعتها (Johns Hopkins) لمحاولة اكتشاف لقاح الفيروس، وتحدث عن وجود الآلاف من الأطباء المسلمين الذين يقفون في الصفوف الأمامية لمكافحة هذا الوباء، وغير ذلك من الأخبار التي عُنونت ب (أخبروا المنافقين)، صحيح أن عمر، وهبة مسلمان، وهناك من يحارب في الخطوط الأمامية، لكن كان الأولى ألا يقابل المتحدث ومن يحمل الفكرة نفسها الغربَ بالجحود والنكران؛ لرفع كلمة الإسلام أو إخبار الغرب بأن العالم الإسلامي يتقدم، حيث إنه لا ضير من تقدم العالم الإسلامي دون محاولة استنقاص الطاقات التي تحويها بلاد الغرب، فمثلًا، عمر إشراق نال درجة الدكتوراة من (King's College London)، فاستفاد من طاقات الغرب ليكون رئيس شركة غربية، لقد أصبح رئيسًا؛ لأنه اكتسب علمًا وطاقة تؤهله، ولم يكن إسلامه سببًا رئيسا، وأما الدكتورة هبة مصطفى فهي طبيبة تعمل في جامعة غربية، فلولا الله ثم الغرب لما تمكنتْ من قيادة هذا الفريق، وهي ليست الوحيدة، فقد يكتشف اللقاح عضو غير مسلم، وسيُنسب الأمر للفريق، وليس لهبة وحدها، وتجدر الإشارة إلى أن الدكتورة هبة قد نالت الدكتوراة من جامعة غربية University of Kansas) Lawrence). الكثير من حالات الجحود تظهر على السطح مؤخرًا، ومن المؤسف قراءة ذلك، وأنا الموجود وغيري في بلاد الغرب محاولين الاستفادة من كل الفرص التي يتيحها لنا الغرب، التي لم تكن لولا الله ثم دعم بلادنا. هناك أكثر من تسعين ألف سعودي يدرسون حاليا في بلاد الغرب، وهناك من سبقهم، ثم يُقابل ذلك بالجحود! آسى كثيرًا على الشعارات المرفوعة» لإظهار مكانة الإسلام، فهل يجب الاستنقاص من غيرنا لنثبت أننا الأفضل، أم يمكن الإثبات دون فعل ذلك؟ هناك الأطباء المسلمون الذين يكافحون، وهناك غير المسلمين، هناك طبيب مسلم يحاول اكتشاف اللقاح، وهناك طبيب غير مسلم يحاول أيضًا، استشهد أطباء مسلمون، ومات أطباء غير مسلمين، يجب أن تكون أحكامنا عقلانية؛ لأن الحكم العقلاني صعب الهدم، أما الحكم العاطفي فهدمه سهل جدًا. تخيّل - وقد يكون - لو اكتشف اللقاح طبيب غير مسلم وشُفي بفضله بعد فضل الله كل المرضى، فقط تخيّلْ.