العمل التطوعي ليس ترفا بل ضرورة وواجبا دينيا ووطنيا وإنسانيا ورافدا مهما للأعمال التي تقدمها القطاعات الرسمية المختلفة؛ ونرى ذلك جليا عند مواجهة التداعيات الناجمة عن جائحة كورونا (كوفيد - 19) ودرء أخطارها. ومنذ أن بدأ هذا الفيروس الخفي في الانتشار تسابق المتطوعون في العديد من الدول لمساندة القطاعات الرسمية في منع تفشي الجائحة والتخفيف من تداعياتها. صحيح أن هناك تحديات كبيرة أوجدتها هذه الجائحة؛ إلا أنها في الواقع كشفت أن الثروة الحقيقية للدول هي أبناؤها المتطوعون الذين أدركوا أهمية دورهم في حماية أوطانهم من هذه الجائحة؛ وأنهم على قدر التحدي وعلى مستوى المسؤولية، فعملوا على تعزيز تكامل جهود الجهات الحكومية في التصدي للوباء مهما كانت خطورته؛ نذروا أنفسهم على أن تكون لهم بصمة في تجاوزه بأمن وسلام؛ وبادروا بالتسجيل في منصات التطوع لتقديم الخدمات اللازمة؛ فاستقبلت «منصة التطوع الصحي» في السعودية أكثر من مئة ألف متطوع من الممارسين الصحيين والمتخصصين في مجالات داعمة للعمل الصحي خلال ساعات قليلة؛ مسطرين أجمل صور التضحية لدعم ومساندة الكوادر الصحية في الكشف على مرضى كورونا وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم؛ وأطلقت بقية الجهات الحكومية المعنية منصات التطوع لإدراكها بأهمية المشاركة المجتمعية في النشاطات التطوعية، وتوحيد الجهود لتحقيق الحماية المدنية للأفراد في هذه الظروف الاستثنائية التي فرضتها هذه الجائحة، واتخاذ كافة الوسائل والإجراءات ضد أي مخاطر ناجمة عنها؛ واستقبلت هذه المنصات آلاف المتطوعين الذين تسابقوا لتقديم ما يمكن تقديمه بالتعاون مع القطاعات الحكومية المعنية من أجل مواجهة الخطر من خلال تنفيذ حملات التثقيف الصحي لحث الجميع على التعاون والتآزر للمساهمة في الحد من تفشي الفيروس؛ وتنظيف وتعقيم وسائل النقل العام؛ وتوزيع الكمامات والمطهرات مجانا على السكان وتوعيتهم بالابتعاد عن الأماكن المزدحمة؛ وتعقيم الشوارع والميادين والمنازل ومباني الإدارات الحكونية، ومازالت منصات التطوع تستقبل المتطوعين بالآلاف للمساهمة في نشر ثقافة الوقاية والحماية؛ فتصدروا المشهد الإعلامي في تسخير منصات التواصل الاجتماعي لتكريس تطبيق الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الجائحة والقضاء عليها بأقل خسائر ممكنة. ختاما يجب علينا الاستفادة مما تعلمناه من خلال التعامل مع هذه الجائحة ومنها أن يكون لدينا فرق احتياطية من المتطوعين المتدربين يمكن استدعاؤهم عند الحاجة؛ وأهمية الاهتمام بالعمل التطوعي من خلال تأسيس هيئة مستقلة للتطوع وسن التشريعات والنظم التي تعنى بهذا القطاع الذي تعتبره العديد من الدول القطاع الثالث بعد القطاع الحكومي والخاص. * أمين عام المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر