سباق لقاح الكورونا ابتدأ منذ أشهر، لكنه أصبح على أشده بعدما تحول إلى جائحة، فقد أصبحت أميركا الآن في عين العاصفة، فكل الطاقات مسخرة للوصول إلى اللقاح بأسرع ما يمكن، فأميركا التي استهانت حكومتها وإعلامها بالمرض تجد نفسها مهددة بارتفاع عدد وفياتها إلى ستين ألفا، وإذا اعتبرنا السباق الذي يجري اليوم لإيجاد اللقاح سباقا لإنقاذ البشرية، فكما كان سباق الفضاء إنجازا علميا ورمزا للتفوق المنهجي بين نظامين متنافسين؛ فإن سباق اللقاح اليوم من منظور آخر سباق للهيمنة العالمية، المتقاعسون أمس ربما يجنون ثمار الأزمة غدا. لمتابعة سباق اللقاح العالمي لن تسعفنا للأسف الأخبار الصحفية التي تظهر بين فترة وأخرى لتصريحات من مسؤولين محليين أو عالميين، مثل تصريحات ترمب حول قرب اكتشاف لقاح تحمس له وأبدى - بحسب بعض المختصين - تفاؤلا غير مبرر، أو كما نقلت وسائل التواصل الاجتماعي لقاءً مع إحدى الباحثات في دولة خليجية تذكر فيه قرب اكتشاف لقاح الكورونا وأن الأمر لن يأخذ منها أو من فريقها وقتا يذكر، ومنذ بدء الوباء ونحن نطلع على تصريحات من فترة إلى أخرى يدعي فيها باحث أو باحثة إما عزمهم على اكتشاف اللقاح أو أنهم على وشك اكتشافه، وفي كلا الحالتين تشعر أن المتحدث يصف عملا روتينيا قام به مرارا، فلعله اكتشف عشرات اللقاحات قبل هذا، فلقاح البوليو لم يأخذ سوى عشرة أسابيع ولقاح السارز ربما أخذ ضعف هذه المدة نظرا للظروف الاستثنائية التي مرت بمركزه حينها واستطاع تجاوزها، وهذه المرة لا تختلف عن سابقاتها. سباق اكتشاف اللقاح انطلق من اليوم الأول للإعلان عن السلسلة الجينية في 8 يناير. وقد مضى على صافرة الانطلاق ثلاثة وتسعون يوما، وفي المقدمة اليوم لقاحان خاضعان للتجارب السريرية، وبحسب المتابعين للسباق، وقياسا إلى اللقاحات التي أنتجت سابقا، يعتبر وصول لقاحين إلى التجارب السريرية في غضون ثلاثة أشهر سرعة فائقة ليس لها مثيل. يتنافس على اكتشاف لقاح الفيروس اليوم ستون فريقا بحسب منظمة الصحة العالمية. قائمة الستين فريقا تضم خليطا من الجامعات والمعاهد والشركات الكبرى والشركات الملحقة بمراكز الأبحاث التابعة للجامعات. بنظرة سريعة يتبين أن في القائمة من المؤسسات الأكاديمية خمسة من اليابان، وأربعة من الصين، وأربعة من أميركا، وفي المجمل فإن العمل على اللقاح يجري في القطاع الخاص، فالجامعات التي في القائمة تعمل من خلال شركات تابعة لها أو متعاونة معها كما يجري مع شركة هييت - بايونكس مع جامعة ميامي. لكن الأهم من ذلك أن المتنافسين اللذين في المقدمة اليوم هما شركة كانسينو تابعة لمعهد بيجين للتقنية الحيوية في الصين، وشركة موديرنا في مدينة كيمبردج بولاية ماساتشوستس في أميركا. قائمة منظمة الصحة العالمية كمعاني شعر أبي الطيب المتنبي: ولكن الفتى العربي فيها ** غريب الوجه واليد واللسانِ.