انطلقت قمة العشرين الافتراضية من الرياض الخميس الماضي، برئاسة خادم الحرمين الملك سلمان لحماية وإنقاذ حياة البشر أين ما كانوا، وإعادة الثقة في الاقتصاد العالمي وحمايته من ركود محتمل والذي قد يتحول إلى كساد اقتصادي أعظم، إذا ما طال فترة جائحة كورونا لسنة أو أكثر. فلا بد من الحد من أضرار هذا الوباء الاجتماعي والاقتصادي، وتفادي وقوع كارثة اقتصادية عالمية تضر بالمجتمعات وتخلق بطالة مدمرة في ظل ركود اقتصادي تضخمي، وربما تتحول إلى كساد ساحق للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وانكماش كبير لتدفق السيولة النقدية والسلع والخدمات العالمية. لهذا أكدت القمة على توحيد الجهود العالمية لكبح جماح هذا الوباء وإعادة الثقة إلى الاقتصاد العالمي ودعم نموه واستمرار تدفق التجارة عبر الحدود. إن العالم يشهد هذه الأيام درجة عالية من القلق والفزع تتجاوز بكثير المخاوف الصحية الخطيرة إلى حدوث كارثة اقتصادية، وهو ما حذر عنه (كوزول رايت) مدير شعبة العولمة واستراتيجيات التنمية في الأونكتاد، بأن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل (0.5 %) بدلا من (3.6 %) المتوقعة قبل حدوث الوباء، فمن المتوقع أن يكلف هذا الفيروس الاقتصاد العالمي (2) تريليون دولار وانكماشه بأكثر من (2 %) في 2020، مما انعكس بصورة مباشرة على الأسواق المالية العالمية بسبب المخاوف وعدم اليقين المرتبطة بانقطاع سلسلة التوريد من الصين، وتدهور أسعار النفط مع احتمالية تراجع الطلب العالمي على النفط (20 %) أو بما بين 15 و20 مليون برميل يوميا من 100 مليون برميل يوميا لهذا العام. وهذا ما عزز مخاوف الاقتصاد العالمي واحتمال دخوله مرحلة الركود وهو ما خلق انطباعا متشائما عن المستقبل. كما وصف كبير الاقتصاديين في وكالة موديز هذه الجائحة بأنها "تسونامي اقتصادي"، حيث أدى الابتعاد الاجتماعي عن الاقتصاد إلى خلق فجوة بين ما يمكن أن ينتجه الاقتصاد وما ينتجه نتيجة انهيار الطلب الاقتصادي. فإن ردم هذه الفجوة يتطلب الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والدعم النقدي للأسر، وإذا لم ينمو إنفاق الشركات والمستهلكين، فعندئذ يتعين على الحكومة أن تنفق نيابة عنهم، الأمر الذي يخلق الطلب الكلي اللازم لإعادة الاقتصاد إلى وضعه الطبيعي. فعلى جانب العرض فالحاجة ملحة لإنفاق الحكومات تريليونات الدولارات لمنع قطاعات الإنتاج والخدمات من الخسارة أو الإفلاس، وهو ما تعهدت به قمة العشرين الافتراضية بضخ 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي وتجنيبه احتمالية الانهيار الكبير. أما على جانب الطلب فعلى الحكومات التكاتف ودعم الطلب الكلي ماليا وبإعفاءات من الرسوم والتكاليف، لتهدئة هذا التسوماني الاقتصادي والحد من أخطاره على المدى الطويل.