تخيل أنك في معركة، وأصوات الانفجارات في كل مكان، والرصاص يلعلع في سماء المعركة، والعدو يحاصرك من جميع الجهات، يحاول قتلك أو أسرك، وقائد المعركة يحثك على الثبات والمقاومة حتى النصر، تستمر المعركة، ويستمر دوي الانفجارات، فتشعر في بداية الأمر بالخوف؛ لأن الخوف هو الغريزة الفطرية الأولى التي أول ما تواجه الإنسان في ردات فعله، هذا وبينما المعركة تدور رحاها تسمع أصوات نشاز، أصواتاً جاهلة تقلل من خطورة المعركة، وعندما تحدق ملياً في هذه الأصوات البائسة، تجد أن أغلبها خرج من حماقات السوشل ميديا مدعومة بتراجع الوعي العام، وغياب الذائقة، وطغيان الثقافة الشعبية المستنسخة، وبروز شخصيات شعبية كرتونية تفننت بجهلها ردحاً من الزمن حتى تضخمت، وضخمت معها العنصرية، والنعرات القبلية، والهياط بكل أشكاله الغبية، حتى صار لها معجبون كالقطعان، هذه الردة الثقافية اختطفت المجتمع عندما انسحبت الأغلبية الساحقة من المثقفين والمفكرين من الساحة، وتركت لهم المجال، فاستأسدوا، وهذا ليس مجال حديثنا اليوم، علينا الآن وفي هذه الظروف الحاسمة أن نركز على كورونا، هذا الوباء الخطير الذي داهمنا فجأة ودون سابق إنذار، علينا مواجهته بكل طاقاتنا وقدراتنا، علينا أن نوقف زحفه حتى لا ينال منا أحباباً نبقى طوال العمر نعيش حسرة فقدانهم وغيابهم، إذاً فهي معركة الجميع دون استثناء، علينا أن نستمر في المواجهة حتى النصر، وأن نكون في مستوى القرارات الاستثنائية التي تصب في كبح جماح فيروس كورونا، هذا الفيروس الذي عصف بالعالم فتوقفت التجارة والصناعة وأغلقت الحدود بين الدول نظراً لفداحته، حتى إن هناك دولاً وصلت إلى فقدان السيطرة على هذا المرض، والدليل قوائم الموت التي تنشرها هذه الدول، في الوقت الذي اتخذت قيادة هذه البلاد المبادرة منذ اللحظة الأولى، وأصدرت قرارات حاسمة وشجاعة من أجل سلامتنا، فعلينا أن نلزم بيوتنا ولا نخرج منها إلا للضرورة القصوى، وبالمناسبة فإننا نحيّي الأبطال المنزرعين في خطوط الاشتباك الأولى المشتبكين وجهاً لوجه مع هذا الفيروس، تحية لسواعد الأطباء والممرضين والفنيين، تحية للطبيبات والممرضات وهن يواجهن كورونا جنباً إلى جنب مع الرجل، تحية إلى كل طواقم الصحة في مواجهة هذا الفيروس، تحية لسواعد المقاتلين في الخط الأول وهم يلتحمون مع هذا الخطر وقد يفقدون حياتهم من أجل أن نبقى أحياء، تحية لرجال الأمن، تحية لكل العاملين في مواجهة هذا المرض، تحية لكم وأنتم تساهمون من خلال الجلوس في بيوتكم.