أوصى فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بتقوى الله في السر والعلن. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: إن ماورد في النبوة من قوله صلى الله عليه وسلم «من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه وليلته فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها»، حيث بين عليه السلام والسلام أنه حيزت له الدنيا في ثلاثة أمور، الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان والرزق والكفاف، وأن فقد الأمن فقدٌ لثلث العيش والثلث كثير، وإذا كان الأمن ثلث العيش فمن الله به على كفار قريش فقال سبحانه وتعالى {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}. وأكد فضيلته أن الأمن ركيزة عظيمة ليتفرغ الناس لعبادة ربهم وينتشروا لمصالح دينهم ودنياهم، ولما كان الأمن بهذه المنزلة العظيمة ذكر الخليل إبراهيم عليه السلام في دعائه لأهل مكة {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}، مشيراً إلى أن إبراهيم عليه السلام قدم نعمة الأمن على نعمة الرزق، لأن الأمن إذا فُقد فلا يملى الإنسان به ولا يأتي به طعام وشراب ولا أي أمر من أمور دنياه. وأفاد أن الله تعالى أمتن على المسلمين بنعمة الأمن في كتابه العزيز في أكثر من موضع فقال عز وجل {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، لافتاً النظر إلى أن هذه النعم لا تزال تتوالى وما انتقصت إلا بعد أن انتقص الناس دينهم فبدلوا وغيروا، ولم تكن جزيرة العرب بمنأى عن ذلك بل كانت إلى حد قريب مرتعاً للشرك وللسلب والنهب وللقتل، فمن الله عليها بدعوة التوحيد دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمة الله عليه، فعادت هذه الجزيرة كما كانت آمنة مطمئنة فأصبحت مأوى لأفئدة الناس ديناً ودنياً، وذلك بفضل الله ثم بفضل دعوة التوحيد واتباع هدي سيد المرسلين، وهيأ الله لها حكومة راشدة دعت هذه الدعوة منذ الوهلة الأولى واستمرت حتى شبت هذه الدعوة عن طوقها وأثمرت ثمرات عظيمة. ونبه الشيخ عبدالله آل الشيخ المسلمين إلى أن الله سبحانه وتعالى ليس بينه وبين أحد واسطة، فبقدر ما معك من الإيمان والتقوى تفتح الأرزاق، يقول سحانه وتعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}، مفيداً أن الأمن مربوط بالإيمان لقول سبحانه {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}، أما إن بدل الناس وغيروا فإن سنن الله لا تجامل، يقول سبحانه وتعالى في كتابة العزيز {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}. وقال «ما زلنا بخير -ولله الحمد ونعمة- وأمن وآمان بفضل الله ورحمته، ولكن الله سبحانه وتعالى ينذر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، قال تعالى {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، متطرقاً إلى أن ما يصيب العالم الإسلامي اليوم من مصائب إنما هي نذير إلهي لكي لا ينسى الناس ربهم فيعود الغافل ويتذكر الناسي ويستغفر المخطئ، مضيفاً إن الذنوب والمعاصي سبب للمصائب والفتن، يقول سبحانه وتعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وأمر الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ}، ثم قال سبحانه وتعالى {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}، قال ابن عباس رضي الله عنه «إن الله أمر المؤمنين أن لا يقيموا المنكر بين ظهرانيهم، فيعمهم الله بعقاب من عنده». وأضاف الشيخ عبدالله آل الشيخ «إن طاعة الله وطاعة رسوله سبب للوقاية من الفتن والمصائب والقلاقل، يقول الله سبحانه وتعالى {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}، وإن المسلمين اليوم بأمس الحاجة إلى العودة لدينهم، والتسمك به، خصوصاً في هذا الزمان الذي تكالب فيه الأعداء على الأمة فوجهوا سهامهم على الإسلام والمسلمين وديارهم، مؤكداً أن الواجب على الجميع هو الفرار إلى الله والتوبة النصوح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإسكات أصوات الفتنة والضلال والفساد، أماالغفلة والإعراض فإنها مفسدة، وأن الواجب علينا هو التمسك بالسنة وإن تركها الناس فهي سبيل النبيين والصديقين والشهداء، فإن كثرت الفتن تمسكنا بالسنن، يقول سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. وبين فضيلته أن اللفتة الأخرى نحو الأمن والأمان وقال: «إذا كان الأمن من الله منه والاستقرار نعمة والرزق لهما تابع وللناس فيه منافع، فكيف من يحمل السلاح بين ظهراني المسلمين ويخيف الآمنين، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على من أخاف أخيه من أجل أن يمازحه، فقد ظهر للعينين أن ما يحصل في بلاد المسلمين من قتل وتدمير واستهداف لرجال الأمن ليس من الإسلام في شيء، مؤكداً أن من يفعلون ذلك ليسوا جهلة مغررين بهم فحسب بل هم قتلة مجرمون، ليس عندهم منهج إصلاحي يسيرون عليه ولكن لديهم منهج تدمير الأمة ومقدراتها واستهداف رجال الأمن وإحداث الفتنة والضلال، إن هؤلاء يقف خلفهم جهات مشبوهة واستخبارات معادية هدفهم خلخلة الأمن في هذه البلاد واستهداف وحدتها الوطنية. وأفاد أن الإسلام أول من اكتوى بنار هذه الفتنة العظيمة، وهو المستهدف من أعمالهم هذه، لافتاً إلى أن ما حدث من انتهاك لحرمات الله والمساجد في منطقة الشرقية إنما هو انتهاك لحرمات عظيمة، وانتهاك لحرمة النفس المعصومة وانتهاك لحرمة الدين، كذلك انتهاك لحرمة الأمن وانتهاك لحرمة المال، فهذا عمل إجرامي لا يقره دين ولا خلق ولا عرف، داعياً إلى محاسبة النفس، وقال: «حاسب نفسك قبل أن تحاسب ولا تنظر إلى الهالك كيف هلك ولكن انظر للناجي كيف نجى، ولا تتعلق بحبال الأمل فإن العمر قصير والوقت محدود، فتب إلى الله».