الناس حياتهم بين يسر وعسر وضيق وفرج، والملجأ الوحيد لكل الخلائق من عسرهم هو الله. والشعراء يتميزون بالإحساس المرهف والقدرة على التعبير بوضوح عن معاناتهم، ولديهم القدرة على البوح بها بشكل مؤثر، وعندما يدعو صاحب الحاجة وقد آتاه الله من فضله مجامع كلم وقدرة على الدعاء ورفعه ببيان وبلاغة، فإن قصيدته تظهر للمتلقي مبكية، خصوصاً وأنه يقول شعراً من إحساس وشعور صادق جرب معاناته، وهذا يظهر في مفردات القصيدة ولا يمكن إخفاؤه. يقول الشاعر ناصر الفراعنة، والذي جعل جل قصيدته تضرعاً إلى الله في أولها، وثناء عليه في معظمها، وعرضاً لطلبه في نهايتها، وختمها بشكواه إلى ربه، في أبيات تأخذ بالقلوب وترق لها الأفئدة، يقول: يا بدرُ دَعْ عنك لومي واترك الأمرا ما أنت مني بما قد هاجني أدرا إني إلى من بدت آياتهُ قدماً فتحت للنور من أرجائها صدرا أوّاه مما يهيجُ الصدر أوّاهُ وأجهد القلب تَذْكاراً وأضناهُ قد ينجب الضيق من أرحامهِ فرجاً بأمر من لا لهُ في الخلق أشباهُ سبحان من لا يداني اسمَه اسم ولا يحيطُ به قولٌ ولا رسمُ علّام ما فضَحَت نفسٌ وما ستَرَت حِرْصَاً وما ضمّ في أحشائه جسمُ الخالق ابن آدمٍ من نطفة قَذِرَهْ في أصلها يستوي الإنسان والحشَرَة فلا يجازي بسوء الكفرِ موجِدَهُ كالقزّ من بطن دودٍ كان من شجَرَهْ بأمرهِ انقلبت أفعىً عصا موسى وأنشَرَت ميّتاً حياً يدا عيسى لولاه ما اتّفقت قومٌ ولا اختلفت ولا لذي الريح أفضى عرشُ بلقيسا برحمةٍ منه أجلى ضرّ أيوبَا وبا ابن يعقوب داوى عين يعقوبا مبدىً معيدٌ وربٌ واحد أحدٌ طوبى لمن شكروا نعماءهُ طوبى على سليمانَ أمضى حُجّة النمْلَهْ عدلاً وفرعون أدمت رأسهُ قمْلَهْ مقتاً ونمروذ أوطت أنفه صِغَرا بعوضةٌ أسقطت أصنامهُ جُمْلَهْ سبحانه الله مجري النجم بالفلكِ كالفلك في البحر أو كالعير في السكك مزجي الهواء فما في البرّ ينعشهُ وهو الهلاك لما في البحر من سمكِ ذو الطول ليس لهُ مثلٌ ولا ندُّ ولا لنعمائهِ حدٌّ ولا عدُّ أسرى بأحمد في الأسحار ممتطياً سرج الظلام وحبل الليل ممتدُّ بأمرهِ سيقَ أهل الحِجْر بالحجْرِ وعادُ أهلكها من حيث لا تدري سبحان من لاسمهِ انشقّت كواكبها وشقّت الليل عن كرهٍ يدُ الفجرِ بأمرهِ انشق في عليائه القمرُ طوعاً وعن عين ماءٍ يفلق الحجرُ سبحان من تدرك الأبصار قدرتهُ وليس يدركهُ في قُدْرةٍ بصَرُ الجاعل السبع فوق السبعِ أبراجا والشمس ضوء سراجٍ كان وهّاجا والمنزل الغيث من أيدي حواملهُ ماءً يشقّ بطون الرمل ثجّاجا الباعث الرزق صوْباً راكباً صوْبا والملبس الشمس من جنح الدجى ثوبا والمرسل الريح في أعقابها مطرٌ تجوب في كل قفرٍ دارسٍ جَوْبا ربٌّ إلى النحل في أكنانها أوحى وألهم الطير في أعشاشها البوحَا باسمهِ سبّحت أسرابها سُبُحَاً تهوي وناحت على أغصانها نَوْحَا سبحان من باسمهِ ذو النون إذ نادى من ظلمة النون أنجاهُ وقد كادا من التراب ومن نورٍ ومن نارٍ قد أنشأ الخلق أزواجاً وأفرادا سبحانه ُالله ما هبت نسيم صبا وما دبا فوقها من كائن وحبا وما ربت من غيوم المعصرات رباً وما نبا السيف يوماً والحصان كبا وما علا شفقٌ بل واختفى شفقُ وما نهارٌ تعلى كَوْرَهُ غسقُ سبحان من خلق السبع الطباق ومن لهُ على طبقٍ منها اعتلى طبقُ بكل حرفٍ من القرآن أتلوهُ وكل اسمٍ له يرضاه أدعوهُ أن لا أكون بلا أثرٍ ولا أثرٍ فرداً وحيداً رياح الدهر تذروهُ بحق ما ألجأ القوم الملوك لَكَا حتى من الخوف أضحوا يحتمون بِكَا رب اشفنا واحمنا أنت العليم بنا أنا وأهلي ومن فوق البساط بكى بحق أن ليس لي يوماً غنى عنْكَا وأنّ لا خير إلا قد أتى منكَا ربِ اعف عني واجعلني على سعةٍ منك فإني مللتُ المنزل الضنكا