لقيت جهود وزارة الصحة وإجراءاتها الاحترازية للتصدي لفيروس كورونا المستجد COVID-19 تقديرا عاليا على الصعيدين المحلي والدولي، حيث أشادت منظمة الصحة العالمية بالإجراءات الإضافية للصحة العامة التي اتخذتها المملكة لمنع انتقال الفيروس أثناء العمرة، معربة عن ثقتها في أن القرار سيمكن حكومة المملكة من تطبيق إجراءات مستدامة للوقاية من المرض ومكافحته. بُعيد تدفق الأخبار العالمية عن انتشار الفيروس، وسرعة انتقاله بين كبريات مدن العالم، بدا المشهد كما لو كان هذا الفيروس يمتطي مركبة فضائية يتنقل من خلالها بسرعة البرق في أنحاء المعمورة، الأمر الذي اندلعت معه موجة من الهلع والتساؤلات بين الناس عن هذا الوحش المخيف، فتحولت شبكات التواصل الاجتماعي إلى مضخة رهيبة من المحتوى والصور والفيديوهات التي تصور انتشار المرض وخطورته، وسط اختفاء أو تراجع لدور المؤسسات الرسمية لا سيما في الدول الرئيسة كالولايات المتحدة وأوروبا، لكن وعلى الاتجاه الآخر، انبرت السعودية بخبراتها المتراكمة واستراتيجيتها الاستباقية في كل المجالات وخصوصا الأزمات ذات البعد العالمي، فتألقت أجهزة الدولة وفي مقدمتها وزارة الصحة عندما انتبهت مبكرا فاعتمدت استعدادات قوية تمثلت في مستوى عالٍ من المهنية والشفافية عبر رسائلها الاتصالية في التعامل مع تداعيات وتأثيرات الفيروس الذي وصفه معالي وزير الصحة د. توفيق الربيعة في أحد المقاطع التوعوية بالتحدي الذي يتطلب تعاون الجميع ضمن جهود غير مسبوقة تضطلع بها المملكة وتثبت فيها قدرتها على إدارة الأزمات. وفي هذا الإطار، نجحت المملكة في تحشيد الجهود على كل الجبهات؛ أفرادا، ومواطنين ومقيمين، جهات رسمية وخاصة، وحضورا إعلاميا على مدار الساعة يتحدث بثقة ووضوح، تم توجيهه إلى هدف واحد، حيث لعبت الرسائل الاتصالية الواعية والدقيقة لوزارة الصحة دورا كبيرا في دعم الوعي الصحي، وتعزيز روح المسؤولية المجتمعية، وإشراك المواطنين والمقيمين في دعم رسائل الوزارة وجهودها عبر جميع المنصات المتاحة. وهنا ينبغي أن أحيي الشفافية التي اعتمدتها الوزارة في خطابها التوعوي كمتابعة حصر الحالات المصابة، بل وأكثر من ذلك في رسم خارطة مسار للإصابة من مكان القدوم، أو المخالطين، وجنسياتهم، ومنطقة العزل. هذه الشفافية أسهمت ليس فقط في تعزيز ثقة المواطنين والمقيمين، بل حتى على المستوى الدولي، حيث بات ينظر إلى السعودية كأنموذج في البراعة والاحترافية عند التعامل مع هذه الأزمة. لقد ألغت شفافية وقوة خطاب المنظومة الصحية في المملكة حالة الارتباك التي تصاحب مثل هذه الحالات الوبائية في ظل غياب المعلومة، فضلا عن أنها ساعدت على التعاطي المجتمعي مع الحالة بثبات ومعرفة ومن دون هلع، كما نجحت في تنظيم صفوفها حتى قبل بدء ظهور الإصابات، ومع ظهورها أيضا بتكوين اللجان وتنظيم الاجتماعات المتواصلة، واعتماد دليل تفصيلي يومي ونشرات يتم تحديثها على رأس الساعة، لمشاركة الجميع بكافة المعلومات بكل شفافية بالحالات المستجدة وعدد المتعافين، والحرص في كل ذلك على العمل مع كل الجهات المختصة على تطبيق المعايير الدولية المعتمدة. إن ما يلفت الانتباه حقاً في ماراثون الجهود الجارية التي تديرها قيادتنا الحكيمة انخراط جميع شرائح مجتمعنا في دعم رسائل الوزارة وشركائها من الوزارات والهيئات، ومظاهر استجابة السعوديين للموجهات الصحية العامة بوضع الكمامات، وتجنب المصافحة، والتزام المنازل، وغيرها من الاحترازات، وانخراط الجميع في توجيه رسائل التوعية والمحبة بضرورة اتباع توجيهات وزارة الصحة. إحساس رائع أن نجد مثل هذه المؤازرة المجتمعية الواعية والداعمة لجهود قيادتنا، إنها في الواقع بمثابة تمارين استعداد للانخراط في كافة التوجهات التي تتبناها الدولة مستقبلا. يبقى أن أنوه مرة أخرى على ضرورة التركيز مع موجهات وزارة الصحة، وتطبيق إرشاداتها والتفاعل مع مخرجاتها التوعوية وبمثل هذه التكاتف حتما سننجح بإذن الله، حفظ الله بلادنا وقيادتنا ومواطنينا من كل شر، وأزاح عنا هذه الغمة، لتواصل مملكتنا ملحمة تطورها وتشارك العالم تجربتها الفريدة في النماء والبناء.