من آثار وباء كورونا سقوط المبدأ الذي يقول: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. يتعلم الإنسان من تنفيذ تعليمات الوقاية من المرض أن بعض الأعمال قد تكون مهمة ولكنها ليست عاجلة. هذا ينطبق على مستوى الدول ومستوى الأفراد. تقول لنا مصفوفة إدارة الوقت إن بعض الأعمال مهمة وعاجلة، وبعضها مهمة وغير عاجلة، ومنها غير مهم وعاجل، وغير مهم وغير عاجل. وجود وباء يهدد حياة الناس يحدث انقلاباً في معايير ترتيب أولوياتهم. وحين نراجع مصفوفة إدارة الوقت سنكتشف أننا في الظروف الطبيعية -وليس تحت ضغط الوباء- نقدم أحياناً المهم على الأهم وغير العاجل على العاجل. قد تكون المهمة غير عاجلة ومع ذلك نقوم بها تحت ضغط مبدأ: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. الآن والعالم كله يواجه خطر وباء كورونا أصبحت كل الأعمال مؤجلة باستثناء الأعمال المرتبطة بالصحة والأمن. كورونا يُسقط نظرية مصفوفة الوقت. أصبح البقاء في البيت هو الأهم. الإعلام بكل أشكاله وقنواته وجنسياته يتفق على موضوع واحد، كورونا هو الخبر العاجل والأهم للجميع لأنه خطر على حياة الإنسان وأمنه الصحي والاقتصادي. على مستوى الدول، الأولوية الآن هي الوقاية من الوباء والحد من انتشاره، والبحث -وهذا هو الأهم والعاجل- عن علاج. وإذا تمكن الإنسان بعد توفيق الله من تجاوز هذه الكارثة الصحية، فسوف تعيد كثير من الدول تحديد وترتيب أولوياتها. ستُطرح الرعاية الصحية للنقاش، ستكون لها أولوية في خطط الدول، سوف تكون إدارة الأزمات في قمة القضايا ومن أهم الموضوعات في المدارس والجامعات ومعاهد التدريب، وأماكن العمل. دعونا نتفاءل أكثر ونؤمل أن تكون الأولوية للسلام العالمي ومكافحة الفقر والجوع والجهل، وأن يتمكن الناس بكل تنوعاتهم من المصافحة بالقلب قبل اليد، وأن يسود الحب والاحترام والتسامح وتكامل الجهود لمصلحة البشرية.