لم تكن الحملة على الفساد والمفسدين التي يقودها رائد النزاهة ومهندس الرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتمر مروراً عادياً، بل أصبحت نموذجاً للضرب بيد من حديد على الفساد وأهله، حتى أن جميع الشعوب المحيطة تتطلع من قياداتها للأخذ بهذا المنهج الإصلاحي، لإعادة الحقوق وردع المتسلطين والمتنفذين الذين قادهم ضعف نفوسهم وأطماعهم للاستيلاء على ما ليس لهم بغير وجه حق. وأشار رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مازن الكهموس لوسائل الإعلام المحلية بعد تعيينه مباشرة، إلى أنه سيسعى ليأخذ كل مواطن سعودي حقه المشروع سواء في تقديم المشروعات الحكومية أو المنافسة عليها، لافتاً إلى أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وجّهه بإعلامه عن أيّ وزير لا يتعاون مع الهيئة في المرحلة المقبلة. وقال: "وجّهني ولي العهد بتغيير منظومة عمل الهيئة والقضاء على الإجراءات البيروقراطية السابقة بعد أن تخلصت البلاد بنسبة كبيرة من الرؤوس الكبيرة الفاسدة، وأنقل تحذيراً شديد اللهجة من ولي العهد، حيث وجّهني بأن المرحلة المقبلة ستكون لاستئصال الفساد وسط الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار الفاسدين منهم فقط". القوة والحسم ويؤكد الاقتصادي بندر كتبي بأن بيان هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أمس بشأن القضايا التأديبية والجنائية، بما لا يدع مجالًا للشك مضي الدولة قدمًا في تطهير مؤسسات الدولة كافة من الفاسدين بمختلف مستوياتهم الوظيفية، مشيراً إلى أن ملف الفساد ينضم في الأجهزة الحكومية، إلى سلسلة الملفات التي يجري التعامل معها بقوة وحسم لا يلين من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، فمحاربة ما يسمّى الفساد الإداري والمالي بين الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار وما يتبعه من رصدٍ دقيقٍ للتجاوزات والانحرافات في الوظيفة العامة، وصدور قرارات ملكية تدعم ذلك منها تعديل اسم "ديوان المراقبة العامة" ليكون "الديوان العام للمحاسبة"، تعني في مجملها مزيداً من المراقبة للنظام المحاسبي الحكومي، وتبني أنظمة جديدة في جميع العمليات المالية للدولة، ما يعزّز الشفافية والوضوح والدقة، ويكشف الفساد بين موظفي الدولة المتوسطين والصغار الفاسدين، ويعزّز مبدأ المراقبة الإدارية الصارمة لجميع الأنشطة، وعلى الموظفين والمسؤولين الذين يبدو عليهم الإثراء غير المشروع وغير المتناسب مع دخلهم الشهري أو السنوي، كذلك يرصد بشكل دقيق أسباب تزايد شكاوى المواطنين عند مراجعة بعض الدوائر الحكومية المترهلة، التي تدفع الناس "مضطرين" إلى التهاون والصمت، والتغاضي حتى تحولت بعض الوظائف العامة إلى "أماكن" للفساد والاختلاس يُباع فيها الضمير، والأخلاق، ومصلحة المجتمع. الحكومة الإلكترونية ومن جانبها ترى الاستشارية القانونية إلهام الهذلول بأن التفاؤل يسود المجتمع بعد صدور القرارات الملكية الأخيرة المتعلقة بتعيين رئيس جديد للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتغيير مسمّى "ديوان المراقبة العامة" ليكون "الديوان العام للمحاسبة"، لأنها تحمي أخلاقنا وحقوقنا وبلادنا من المفسدين، وهو ما ظهر جليًا أمس بعد الإعلان عن نتائج التحقيق مع 219 موظفًا بينهم قضاة وضباط بوزارتي الدفاع والداخلية بتهم الفساد والرشوة، فملفات الفساد لا تزال مفتوحة، وتستدعي وجود رادع يحمي حقوق المواطن والوطن، والقضاء على الفساد وأماكن "تفريخه" بين الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار، مع ضرورة التوسع أكثر في تطبيق مفهوم "الحكومة الإلكترونية" الذي سيسهم في تحقيق كثير من الأهداف مثل سرعة إنجاز الخدمات العامة بسهولة ويسر، خصوصاً أن تبعات وآثار الفساد تتجاوز الفرد إلى أمن المجتمع واستقراره بشكل عام. ورغم أن جهود مكافحة الفساد قد بدأت منذ عهد الملك عبدالله - رحمه الله - عندما أمر بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد، إلا أن العمل الحقيقي لهذا المفهوم كان على يد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، الذي يردد المجتمع اليوم مقولته الشهيرة "لن ينجو أحد تورط في الفساد كائنا من كان"، ولعل التجربة الكبيرة للمملكة في هذا الشأن قد برزت للعالم أجمع عندما تمت إحالة أكثر من وزير إلى لجنة خاصة بهذا الشأن. لكن مشكلة الفساد - بوصفها ظاهرة اجتماعية خطيرة - أنها متلونة ومتعددة المظاهر، وإن تمحورت حول حصول فئة من المجتمع على مزايا وحقوق ليست لهم. وقد يكون ذلك من خلال تسهيلات غير نظامية من بعض الفاسدين في الحكومة، كما حدث قبل فترة، عندما تم إيقاف مسؤول كبير في وزارة الدفاع. وقد يكون من خلال الاعتداء على الأراضي الحكومية بتزوير الصكوك والوثائق، مع تساهل في الفحص والتثبت. مازن الكهموس