أرض المملكة، أرض الحضارات المتعاقبة تجسّد على أرضها الكثير من المواضع الجغرافية التي خلدها الشعراء في قصائدهم، ومن ذلك محافظة بيشة أُنموذجاً، والتي عُرفت منذ العصر الجاهلي كأقدم المواطن التي استقر فيها الإنسان الضاربة في القِدَم، فهي بذلك تُمثل أحد أبرز ملامح الحضارة العربية قبل الإسلام، كما دلّت كثافة النقوش الصخرية التي سجلتها المسُوحات الميدانية لدراسة الحضارات القديمة، حيث أثبتت وجود منشآت عمرانية ومستوطنات بشرية، منذ العصر الحجري الذي يعرف بالحجري النحاسي (الكالكويثك)، أي قبل الميلاد بنحو (4000 - 3200) عام، فهي بلا شك عرين للأسود ومربى للنعام وكِنَاس للظباء ومن ذلك ما قالته أشهر شاعرات العرب الشاعرة الجاهلية تُمَاضِر بنت عمرو بن الشريد السُّلَمِيّ المشهورة ب(الخنساء) حيث تقول: حَامِي الحَقِيقِ تَخالُهُ عِنْدَ الْوَغَى أسَدَاً (ببِيْشَةَ) كاشِرِ الأنْيابِ أسَدَاً تَنَاذرَهُ الرِّفَاقُ ضُبَارِماً شَثْنَ الْبَراثِنِ لاحِقَ الأقْرَاب وتقول أيضا: سَمْحُ الخَلِيْقَةِ لا نِكْسٌ وَلا غُمُرٌ بَلْ بَاسِلٌ مِثْلُ لَيْثِ الغَابَةِ العَادِيِ من أُسْدِ (بِيْشَةَ) يَحْمِي الخِلَّ ذي لِبَدٍ من أَهْلِهِ الحَاضرِ الأدْنَيْنَ والْبَادِيِ..