دأبت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه -حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- على توفير بيئة تعليمية خصبة ثرية تشجع على الدرس والتحصيل، وتحث على التفوق والتألق، وتنمي الإبداع والابتكار، وتدعم النجاح والتميز. وفي هذه البيئة وُلِدَت جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان للتفوق العلمي والإبداع في التربية الخاصة عام 1425ه، وطفقت تتطور عاماً بعد آخر حتى أصبحت إحدى الجوائز التي يشار إليها بالبنان على مستوى المملكة، وغدت صرحاً شامخاً من صروح الدعم المادي والمعنوي، ورافداً قوياً من روافد التفوق والإبداع، وينبوعاً صافياً من ينابيع الخير والعطاء، ودوحة وارفة يتفيأ ظلالها المتفوقون والمبدعون والمتفوقات والمبدعات من الأشخاص ذوي الإعاقة. وقد كانت لهذه الجائزة الريادة والتميز، حيث جمعت بين تشجيع العلم والتفوق، وتحقيق التكافل الاجتماعي، ودعم الحراك الثقافي والتربوي، إذ تفردت بالتركيز على إبداع وتفوق الأفراد ذوي الإعاقة، وهي تسهم في تنشيط العمل التوعوي والثقافي والتربوي في كل ما له علاقة بذوي الإعاقة، ويسهم في خلق مجتمع أكثر فهماً ودعماً لهم. وتحرص الجائزة على توسيع نطاق عملها ليشمل كافة المدن والقرى في المملكة، بالإضافة إلى سعيها نحو المساهمة في الارتقاء بالخدمات التعليمية والتربوية المقدمة للأفراد ذوي الإعاقة من خلال توفير الوسائل التعليمية والمعينات لذوي الإعاقة أنفسهم أو للبرامج والمعاهد التي يدرسون فيها، وذلك في إطار التكامل بين الجهات الحكومية والأهلية والخيرية. وقد أُنشئت هذه الجائزة كمشروع خيري رائد في بلادنا الغالية يُعنى بتشجيع المتفوقين والمتفوقات من الطلاب والطالبات ذوي الإعاقة، وإبراز قدراتهم وإبداعاتهم على مستوى المملكة، مما حفز أفراد تلك الفئة على المنافسة للفوز بالجائزة مع تزايد سنوي في عدد الترشيحات، حيث وصل عددها في هذا العام إلى ما يقارب 839 مرشحاً ومرشحة، وسيتم هذا العام تكريم 40 فائزاً وفائزة كما جرت العادة في كل عام، وبنهاية هذه الدورة سيصبح عدد الفائزين والفائزات في دورات الجائزة الماضية 640 فائزاً وفائزة. وتتميز هذه الدورة عن غيرها من الدورات بأن الجائزة أصبحت تشمل -ولأول مرة- طلاب وطالبات الجامعات في المملكة، كما أنها تحظى بأهمية خاصة هذا العام، حيث سيقدم في حفل الجائزة جائزة جديدة هي جائزة التميز للأشخاص ذوي الإعاقة، والتي تمنح لهذه الفئة على مستوى العالم العربي. ويساند الجائزة في كل دورة مجموعة من البرامج والأنشطة التي تنظمها سنابل الجائزة، أو تشارك فيها، أو تدعمها مادياً بالتعاون مع القطاعات العلمية والخدمية المختلفة من حكومية وأهلية وخيرية، وذلك بهدف توعية المجتمع بخصائص واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة، وكيفية التواصل معهم، والتعريف بقدراتهم كأشخاص فاعلين ومنتجين في مجتمعهم. وينبغي التأكيد هنا على أن هذه الجائزة تقوم على مبدأ رصين مؤداه أن الإعاقة ليست عجزًا وفاقة، ولكنها إبداع وطاقة، حيث تظهر الدراسات والأبحاث أن ذوي الإعاقة مهما اختلفت وتعددت إعاقاتهم، فإنه يوجد لديهم قدرات إبداعية، وهذه الجائزة تعمل على اكتشاف المبدعين والمتفوقين والموهوبين من الجنسين في التعليم العام والتعليم العالي، وتقدم لهم البرامج والأنشطة التي تتناسب مع إمكاناتهم وقدراتهم. وبمناسبة حفل الجائزة السادس عشر، فإنني أجدها فرصة طيبة لأقدم من الشكر أجزله، ومن التقدير أكمله، ومن العرفان أجمله، ومن الامتنان أنبله لأسرة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان على العناية والرعاية والاهتمام والدعم غير المحدود الذي تحظى به الجائزة من لدن هذه الأسرة المباركة، والشكر موصول أيضاً للجان الجائزة التي تعمل ليل نهار من أجل إخراج الجائزة بالصورة التي تليق بمكانة بلادنا الحبيبة، كما يسعدني ويشرفني أن أرفع أحر التهاني، وأطيب الأماني، وأجمل التبريكات لأبنائنا وبناتنا الفائزين بالجائزة لهذا العام وأسرهم والعاملين معهم، متمنياً للجميع التوفيق والنجاح. وفي الختام أدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يحفظ عليها أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لها قيادتها الحكيمة الواعية الرشيدة كي تواصل مسيرة الخير والعطاء والنماء، كما أدعوه -سبحانه وتعالى -أن ينصر جنودنا البواسل على الحد الجنوبي، وأن يشفي جرحاتهم، وأن يرحم موتاهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.