"نحن بارعون في الكذب، ونعجز للغاية عن اكتشاف الكذب"، هذه الكلمات لعالم النفس ريتشارد وايزمان. ومع اختلافي الشديد معه في وجهة نظره، فمقالة اليوم تناقش وسائل كشف الكذب من لغة الجسد انتهاء بالتقنيات المعاصرة والمستقبلية.. تشير الدراسات إلى أن الاتصال يكون 7 % فقط بالكلمات، 38 % بنبرة الصوت و55 % بلغة الجسد.. وهنا يأتي السؤال الأهم وهو: كيف نكشف الكاذب من لغة جسده؟ في الواقع ووفقاً لما أوردته (ليليان جلاس) في كتابها (لغة الجسد الكذابين) فهنالك أربعة رموز تواصل يجب التركيز عليها وهي الحركات الجسدية، تعابير الوجه، نبرة الصوت ومحتوى الكلام. ومن أبرز الدلائل على الشخص الكاذب: التصبب والتعرق، التلويح باليدين كثيراً، إخفاء راحة اليد، التحديق بالعين في مكان آخر أو في وجه من يسعون للكذب عليهم، التهرب من الإجابات وطرح أسئلة، إدخال الشفاه لداخل الفم لحين اختفائها، وأخيراً ارتفاع نبرة الصوت أو تغيرها بشكل ملحوظ. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العلامات ليست دقيقة إذا ما كان الشخص يشعر بالتوتر الشديد أو كان في وضع غير مستقر لأسباب متنوعة. ماذا عن أجهزة كشف الكذب؟ في عام 1921م اخترع جون أوجست لارسون جهاز كشف الكذب (البوليجراف) والذي يركز على رصد التغيرات الفسيولوجية في جسم الإنسان وقت التحقيق وخاصة التنفس، النبض، مستوى ضغط الدم والاستجابة الجلدية الكهربائية. تم استخدام هذا الجهاز منذ عام 1924م. وحالياً هنالك تطبيقات متنوعة لاستخدامه ففي الولاياتالمتحدة الأميركية يسمح باستخدامه لمقابلات التوظيف للمواقع الحساسة والأمنية كوكالة الاستخبارات المركزية. وفي الكيان الصهيوني يسمح باستخدامه في مراحل الاختيار بين المتقدمين للوظائف. وفي كينيا يسمح باستخدام جهاز كشف الكذب للتحقيق مع السياسيين في قضايا الفساد. وفي بريطانيا يتم استخدام الجهاز للتحقيق مع المجرمين بعد الإفراج عنهم للتعرف على سلوكياتهم بعد الخروج من السجن وهو ما قاد لإعادة العشرات منهم إلى السجون. وتجدر الإشارة إلى أن جهاز كشف الكذب غير معترف به لدى القضاة والفقهاء خاصة مع التقارير العلمية التي تشكك في صحته. وفي عام 2007م عارض حقوقيون في روسيا استخدامه على الموظفين. وفي استراليا يشترط القانون موافقة الموظف المسبقة قبل استخدام الشركة جهاز كشف الكذب عليه. حسناً، لم تنته القصة بعد. هنالك جهود لتطوير أجهزة كشف الكذب عبر المسح الدماغي حيث إن التصوير بالرنين المغناطيسي يستطيع كشف مناطق الدماغ التي تستهلك المزيد من الأكسجين وقت التحقيق. ورغم أن الخبراء يشككون بمصداقية هذه التقنية فجهاز الكشف عن الكذب بالمسح الدماغي تم طرحه في الأسواق من إحدى الشركات الأميركية.. وختاماً، أعظم طريقة لكشف الكذب وأكثرها رعباً هو عندما يشهد على المجرمين سمعهم وجلودهم يوم القيامة. ولك أن تتصور نفسياتهم وقت هذا الحوار: (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ).