كم كنت أرقب ذاك اليوم, كم كنت أتطلع إلى تلك الفرحة التي تغمرني وتغمر من حولي, لم تكن فرحتي فحسب بل كنت أرى تلك الفرحة في عيني كل من أتى لتهنئتي وكل من تعنى كي يسعدني فهي ليلة عمري. أسعدني مجيء فلان وفلان ومكالمة فلان, ومع هذا آلمني كثيراً أنني لم أر فلاناً الصديق العزيز القريب مني وإلي. مرت الأيام وأنتهى كل شيء بسلام, لم أغفل عدم مجيء ذاك الصديق العزيز لعرسي, مع علمي بحرصه ورغبته ومكانتي لديه, حاولت أن أعرف السبب أن أستخبر الموضوع لعلي ألتمس له العذر, قابلته وسألته برر ولم يكن يدري ما يقول أو يبرر, تغافلت ولم أناقش أو أجادل, تساءلت هل هذا هو السبب فعلاً! لم أقتنع ولا تزال في نفسي رغبة ملحة لمعرفة ما الذي منعه من الحضور. لم تمض سوى أيام حتى أتى زواج أحد الأصدقاء, هاتفته وأخبرته أن نذهب سوياً, إلا أنه أعتذر ألححت عليه وأعلمته أن حضوره سيسعد صديقنا فهي ليلة عمره, أعتذر مرة أخرى ولكن هذه المرة بنبرة الأسى فكانت كلماته مشوبة بالألم والاعتذار والحسرة وشيء من الحرمان, قالها ولما قالها علمت السبب في عدم حضوره لزواجي, قال: وكيف لي أن أحضر وليس لدي ما أقدمه لك ولست أملك ما أعينك به. حينها علمت أنها أعراف المجتمع التي بالغ الناس فيها حتى أصبحت لزاماً على كل مدعو, هي التي منعت فرحتي بصديقي ومنعت صديقي حضوره لي. إلى كل أولئك الذين لم يحضروا وكانت العينية هي السبب, أعلموا أن حضوركم هو الأهم، وأن ما عدا ذلك لا يهم, شكراً إلى أولئك الذين لم يغفلوا هذا الأمر وذكروا ولو بالكتابة «المعذرة لا نقبل العينيات» من باب عدم تكليف الناس ما لا يطيقون, رغم أنها من أجمل الأعراف وأسماها في المجتمع، ولكن حينما تكون سبباً إلى ما هو أسوأ وأضر فإنها تكون قد جاوزت الحد, فعذراً معشر الشباب على تلك الأعراف الضارة التي أحدثت فرقة لم تكن في البال بين الأصدقاء.