لو أنك كنت جالسا في حفلة عامة , ودخل إلى المكان نجم معروف , فان الأعناق ستتلفت باتجاهه كأمر طبيعي .. فالناس - بداهة - يحملون في عقلهم الباطن قناعة , بأن النجم إنما هو نموذج فريد وشيء مبهر وطراز مختلف عن الناس , وثمة من يعتقد أن كل النجوم بدون استثناء يحملون زخما استثنائيا من جماليات التعامل الإنساني .. ولذلك ترى الشباب في الجملة أكثر تعلقا بنجومهم , وربما ذهبوا بعيدا إلى محاكاة أولئك وتقليدهم في الإيجاب وربما في السلب , وكل ذلك تحت ضغط ما يمكن أن نقول عنه " الإعجاب الأعمى " ! . روى لي احد الأصدقاء أن قدره قاده ذات مساء , لان يسير بسيارته في شارع قريب من البحر , وكان من عادة ذلك الصديق ألا يتجاوز بسرعته ال 80 كم .. لكن ذلك السقف من السرعة يبدو انه لا يناسب بعض الناس الآخرين , يقول صديقي وفجأة حدث ارتطام كبير خلفي مصحوبا بصوت صرير الفرامل . ويضيف : قبل أن استوعب ما حدث خلفي كانت السيارة المجنونة قد وصالت إلينا – ابني وأنا - لترتطم بمؤخرة سيارتنا بقوة شديدة فتدفعها مسافة بعيدة إلى الأمام , وعندها دخلت في غيبوبة قصيرة نتيجة هول هذه الكارثة غير المحسوبة .. المهم أن ربنا سلّم ونجونا أنا وابني من الإصابات , فيما عدا سيارتنا التي لحقتها أضرار متوسطة . ويقول : المفاجأة .... أن " سيد المشهد " كان نجما من نجوم المجتمع , اتضح ذلك بعد أن وضعت الحرب أوزارها , وخرجنا نحن ضحايا الحادث من سياراتنا لنقف على أبعاد " المسرحية " .. وعلى كون بطلها مفاجأة لنا جميعا , باعتباره نجما من النجوم , وان كانت الأقدار والحوادث في واقع الأمر يمكن أن تصدر من هذا وذاك , وتصيب ذاك وهذا .. وبقي اللافت أو المحزن - لا ادري - انه ووسط تجمهر الناس حول الحادث , وفي غمرة الهرج والمرج , كان " سيد المشهد " قد اختفى , وكأنه " فص ملح وذاب " .. يا للهول أين ذهب , ومن الذي اقتلعه من المكان ؟ .. ذاك كان سؤال صديقي الذي لم يجد له جوابا حتى اللحظة فيما يبدو . يقول صديقي : ورغم أنني " تنازلت " عن حقي الخاص مبكرا , ربما لفرحتي بسلامتنا أولا , ثم لإدراكي أن شيئا غير منطقي قد دخل المشهد , بعد غابت واحدة من حلقاته .. ويواصل : لقد ظللنا لحوالي أربع ساعات " نعك " في إجراءات روتينية مملة وبطيئة جدا بين مكان الحادث , ومقر الجهة الرسمية .. إلى أن خرجنا أخيرا كمن يجر أذيال الخيبة , من " مسرحية " لا ناقة لنا فيه ولا جمل . إلى أن قال : لقد ظللت لعدة أيام أتوقع أن يصلني تلفون من " سيد المشهد " .. يعتذر فيه عما حدث , كإجراء يليق بالنجوم , وفق ما نتصوره نحن - العامة - عنهم .. لكن ذلك ظل مجرد - سراب للأسف .