أعلنت الوكالة الدولية للطاقة أمس الاثنين أن الاستهلاك العالمي للنفط سيتراجع هذا العام، للمرة الأولى منذ عام 2009، على خلفية الانتشار الواسع لفيروس كورونا المستجد. وفي تقريرها الأخير الذي لم تحتسب فيه حرب الأسعار التي اندلعت بعد إخفاق السعودية وروسيا في الاتفاق على مواصلة خفض الانتاج، خفضت الوكالة الدولية للطاقة توقعاتها للطلب الحالي على النفط ب1,1 مليون برميل يوميا، في سيناريو أول، فيما يواصل الفيروس الانتشار في أنحاء العالم. وذلك يعني انخفاضاً بنحو 90 ألف برميل في اليوم بالمقارنة مع العام الماضي، للمرة الأولى منذ عام 2009. وتستند هذه التوقعات على افتراض أن الصين ستتمكن من السيطرة على تفشي الفيروس بحلول نهاية الشهر، وأن إجراءات احتواء الفيروس في أماكن أخرى لن يكون لها أثر يذكر على الطلب. وتراجع استهلاك النفط في فبراير بشكل كبير، وقدرت الوكالة هذا الانخفاض ب4,2 مليون برميل يومياً بالمقارنة مع الشهر نفسه العام الماضي، و3,6 مليون برميل من هذا الانخفاض في الاستهلاك يرجع إلى الصين. وفيما لم توفر الوكالة الدولية للطاقة أرقاما محددة للاستهلاك الشهري للنفط، لكن من المتوقع أن يتراجع بنحو 4,5 %. وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول "أزمة فيروس كورونا المستجد تؤثر على قطاعات واسعة في أسواق الطاقة، بينها الفحم والغاز والطاقة المتجددة، لكن أثرها على النفط حاد بشكل خاص، لأن (الفيروس) يمنع الناس والسلع من التحرك، ما سدد ضربة كبيرة على طلب الوقود الخاص بالنقل". وأضاف "هذا ينطبق بشكل خاص على الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم، التي يعود إليها أكثر من 80 % من النمو العالمي للطلب على النفط العام الماضي". وفرضت الصين حجراً صحياً على مناطق واسعة من البلاد، وأغلقت مصانع وعزلت ملايين الأشخاص تخوفاً من تفشي فيروس كورونا المستجد، وفيما استأنفت بعض المصانع عمليات الإنتاج فيها، إلا أن سلاسل الإمداد العالمية قد تعرقلت بشدة في بعض القطاعات الصناعية. كذلك تعرض قطاع الطيران لضربة قاسية، مع تعليق شركات الطيران الدولية حول العالم رحلاتها إلى المناطق المتأثرة بتفشي الفيروس، وذلك نتيجة لتراجع عدد الزبائن وفرض الدول قيوداً على السفر. ووضعت الوكالة الدولية للطاقة سيناريو أكثر تشاؤماً في حال عدم تعافي سريع للاقتصاد الصيني، ينخفض وفقه الطلب على النفط ب730 ألف برميل في اليوم. وقال بيرول "رغم أن تداعيات الفيروس تنتشر في مناطق أخرى في العالم، لكن ما سيحصل في الصين سيكون له انعكاسات هائلة على قطاع الطاقة العالمي وأسواق النفط". وسجلت أسعار النفط الاثنين انخفاضا وصل حتى 30 %، في أعقاب إطلاق السعودية "حرب أسعار" الأحد انعكست في أقوى انهيار للأسعار منذ 20 عاماً، بعدما أخفقت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وموسكو في التوصل لاتفاق حول خفض الإنتاج. وأسهمت اتفاقات بشأن خفض الإنتاج بين منظمة أوبك ومنتجين آخرين من ضمنهم روسيا، في منع أسعار النفط من الانخفاض في السنوات الأخيرة، في ظلّ رفع منتجي النفط الصخري في الولاياتالمتحدة لإنتاجهم. وتوقعت الوكالة في سيناريو متوسط المدى أن يشهد الطلب على النفط انتعاشاً قويا في العام المقبل، لكن رأت أن النمو في الطلب سوف يتباطأ مع تباطؤ النمو في استهلاك الوقود الخاص بالنقل. وبحلول عام 2025، سيرتفع الطلب ب5,7 مليون برميل في اليوم، لكن من المتوقع أن ترتفع الطاقة الإنتاجية بأكثر من ذلك، أي بنحو 5,9 مليون برميل، معظمها من مصادر خارج "أوبك".