كعادتها في مهنيتها ووفائها وتعاطيها مع الأحداث الرياضية التاريخية.. قدمت صفحة (نجوم الأمس الرياضي) في الأسبوع قبل الماضي تقريرًا مهنيًا شاملًا عن الإسهامات الجليلة والمعطيات التوثيقية والمكتسبات الرياضية الثقافية التي قدمها "قاضي تاريخنا الرياضي" د. أمين ساعاتي، ورصدها في مجلداته التاريخية الثرية التي تحكي تاريخ رياضة الوطن على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن، وهو الذي يشكل الرقم الوثائقي الصعب في مسيرة حركتنا الرياضية، وممن عاصروا أهم حقبة تأسيسية للرياضة وتحديدًا منذ عقد السبعينيات الهجرية من القرن الفائت. فحفظ التاريخ الرياضي بالمملكة العربية السعودية في أوعية منضبطة وفق أسس علمية راسخة ومنهجية مهنية رصينة، فقدم لوطنه المعطاء أكبر موسوعة رياضية عن تاريخ الحركة الرياضية بالمملكة، وهي مكونة من ستة أجزاء تتحدث بلغة الأرقام عن تأسيس الأندية ومنجزاتها ورموزها ونجومها ومؤسسيها، كما تتضمن معلومات وثائقية مدعّمة بالحقائق الدامغة والصور النادرة عن الحكام والإداريين والإعلاميين.. إلخ، وبالتالي أضحت تشكل موسوعته العملاقة مرجعية ثرية للباحثين والمهتمين في التاريخ الرياضي، وما زال - ما شاء الله - يهرول بروح وطنية وثابة في مضمار الإعلام واتجاهاته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والرياضية كاتبًا شموليًا يتكئ على رصيد معرفي ومخزون ثقافي وعمق تاريخي وحس بديع في صناعة وصياغة المقالات الثرية والإنتاج العلمي المستمر ليتوج مسيرته باختياره رئيسًا للاتحاد الدولي للتاريخ الرياضي كمنجز وطني يأتي إنصافًا لكفاءته العلمية وقدرته المهنية وعبقريته التوثيقية التي جعلته يستحق لقب (قاضي التاريخ الرياضي)، وخير من يتحدث عن كتابة التاريخ وفق الأصالة الفكرية والأمانة المهنية والمهارات اللغوية والتوثيقية، وهي من المعايير التي تقوم عليها صناعة التاريخ الرياضي الرصين.. بعيدًا عن مفردات التحيز والتعصب والذاتية والعواطف والازدواجية.. في الوقت الذي ظهرت فيه أصوات بعض المحسوبين على التاريخ الرياضي وهي تكتب التاريخ حسب أهوائها وميولها وعواطفها الانتمائية وسرد معلومات وحقائق بكل كذب وافتراء وتزوير، كما ظهر أحدهم وهو ينسب أقدمية التأسيس لنادي الوحدة الذي ولد ولادة طبيعية في الستينيات الهجرية بينما الشواهد التاريخية والمعطيات الدامغة تؤكد أن الأقدمية والأولوية لنادي الاتحاد العريق الذي ولد في الأربعينيات الهجرية من القرن الفائت، وتم تسجيل شهادة الميلاد لكل الناديين في موسوعة جبل التوثيق الرياضي د. أمين ساعاتي. والأكيد أن سلسلة التجاوزات العابثة والممارسات المخالفة والتلاعب بالحقائق التاريخية بالذات ممن يكتب التاريخ على طريقة (حكاوي قهاوي) ستستمر؛ وذلك لغياب الغطاء الرسمي المتكفل بتدوينه والمرجعية التوثيقية التي تحمي حقوق الأندية من هؤلاء الدخلاء على التاريخ.. حتى صارت كتابة التاريخ الرياضي قضية مهملة من يتحمل عبثها؟ وحتى نحافظ على مكتسبات تاريخنا الرياضي من العبث والكذب والتجّني ينبغي إنشاء (اتحاد يعنى بالتاريخ الرياضي) يسهم في نشر ثقافة التوثيق التاريخي وتنمية خلاياه في المجتمع الرياضي عبر قنواتها العلمية والمهنية وتشجيع صناعته وتحفيز القائمين عليه والباحثين في حقوله وتكريمهم نظير ما يقدمونه من خدمة البناء الرياضي وتنظيماته ورصد الوقائع التاريخية وأحداثها في قالبها (المؤسسي) واختيار الرقم الصعب في معادلة (التوثيق الرياضي) وأمين الحرف والكلمة والضبط الموضوعي (ساعاتي) لرئاسة الاتحاد السعودي للتاريخ الرياضي. *مهتم بالتاريخ الرياضي خالد الدوس