كثيراً ما نشاهد، إن لم يكن على الدوام، إقامة معارض تشكيلية على هامش مهرجانات غير متخصصة في الفنون البصرية، حيث يتم إلحاقها ضمن فعالياتها من باب سد الفراغ لا أكثر، وهنا مكمن الكارثة؛ وقبل أن أدلف إلى صميم الموضوع الذي استرعى عين الناقد لدي أؤكد أنني أحد المؤيدين لدمج الفنون البصرية بكل المحافل الثقافية أو غيرها على الأقل في وقتنا الراهن؛ لسبب بسيط هو أن مجتمعاتنا فقيرة بصريًا وتحتاج إلى رفع الذائقة البصرية لديها، ولكن ليس بتلك الصورة التي تجعل من الفنون البصرية مسخًا مشوهاً من خلال وضعها في أماكن لا تليق باللوحة ولا بصاحبها، وتقلل من قيمتها الفكرية والثقافية. بعض تلك المهرجانات، منها على سبيل المثال "ملتقى الرجاجيل" الذي تحتضن فعالياته منطقة الجوف هذه الآونة - كنموذج - تكون لديها مساحات شاغرة، ما يُجبر اللجنة المنظمة للاستعانة ببعض الفنانين أو الجهات المختصة بالفنون البصرية، ليس رغبة في عرض إبداعاتهم لإرضاء ذائقة ذوي الاهتمام، إنما لمجرد ملء الفراغ وتغطية المساحات الشاغرة لديها، ولا يتوقف منظمو تلك المهرجانات عند هذا الحد من (الاستخفاف) وليتهم، بل يدعون أنهم وبفعلتهم تلك يدعمون ليس التشكيليين وحدهم بل الفنون البصرية برمتها، وأن الفضل يعود إليهم في إفساح المجال لهم لعرض أعمالهم.! لم تعد الإشكالية في منظمي أو اللجان القائمة على أمر تلك الفعاليات، فهم يبحثون في المقام الأول عن مصلحتهم، وإنجاح أنشطتهم بأية وسيلة، حتى ولو كان ذلك على حساب الثقافة البصرية والتسلق عليها؛ ولكن تكمن الإشكالية الحقيقية في الجهات المعنية بالفنون البصرية أو التشكيليين أنفسهم لقبولهم بتلك الأماكن وموافقتهم على العرض في مساحات تكون فيها اللوحة بمستوى القدم بالعرض، ولا ترتقي لأبسط أساسيات عرض الأعمال البصرية، علاوة على ذلك تكون اللوحات مكدسة فوق بعضها البعض فيما يشبه بسطات حراج ابن قاسم - إن جاز التعبير؛ ولاشك أن حرص تلك الجمعيات وأؤلئك التشكيليين وركضهم للظهور الإعلامي والفلاشات هو ما يدعهم يغضون الطرف أو يتناسون أن الثقافة التشكيلية واللوحة هما مبدأ وقيم قبل أن تكون مطية للدعاية الإعلامية التي ينشدونها، ويسهمون بذلك في تدني الذائقة البصرية لدى الزائر و(تسخيف) المشهد التشكيلي بقصد أو بغيره. الشاهد هنا أنني لا أقلل من قيمة أحد، فمن عمد على وضع تلك اللوحات بهذا المستوى من العرض هو نفسه من حفز قلمي على الكتابة، ولن أتوقف إلا حينما أرى تنظيماً وعملاً يرتكز على الجودة وليس على (الهرطقة)، فالمسألة باتت ظاهرة ولابد من نقدها. جلال الطالب