يندر وجود متداول في سوق الأسهم لم يذق طعم الندم يوماً.. فطبيعة أسواق الأسهم معجونة بمشاعر مختلفة ومختلطة حدّ التباين من فرح وحزن، ورضا وندم.. وغير ذلك من المشاعر المختلطة النابعة أساساً من (الخوف والطمع)، وعلى اختلافهما الكبير كثيراً ما يُنجبان وليداً مشؤوها اسمه (الندم) والذي يوّلد بدوره ذلك الشعور المؤلم.. إذن يندر من لم يتشرّف بزيارة الندم له، وخاصة المضاربين، ولكن الاختلاف في طريقة (إدارة هذا الزائر الثقيل) فالعاقل يختلف عن الأحمق والجاهل، العاقل يعلم أنه لن يُصيب في كل قراراته، وأنّ (القرْم يلاقي قروم) كما يقول المثل الشعبي، ولكن العاقل يستفيد من ندمه إيجابياً بالاستفادة من الخطأ، وعدم (جلد الذات) أو زيادة التحسُّر على ما مضى، فهو يُدرك أن الإنسان (لن يتعلِّم حتى يتألم) وبالتالي تكون الدروس المستفادة من ألم الندم مفيدة جداً في تشخيص الأسباب (وهي غالباً عدم الإلمام الدقيق بوضع الشركة التي اشترى فيها أو باع أو قلة المتابعة لاتجاه السوق) فالندم يدفعه لمراجعة شاملة للشركات تُسلّحه بالمعرفة الكافية، فإذا فعل لم يندم إن اشترى أو باع بسعر يراه هو السعر العادل مهما كانت النتائج أرباحاً أو خسائر.. ومثل هذا أرباحه تفوق خسائره بكثير لأنه لا يصح إلّا الصحيح.. أما الأحمق الجاهل فإنه يكرّر نفس التجربة ويتوقع نتيجة مختلفة، ويقع في براثن الندم ويندب حظه بدل تعديل نفسه، والأسوأ حين يردد (لو) فإن لو تفتح عمل الشيطان، وتفتح باب مستشفى المجانين.