يبدو أن سلوك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد شرع يضرب الأرقام القياسية في معيار التهور السياسي والعبث بتاريخ وثروات الأمة العربية لصالح أجندته الاستعمارية وطموحاته التوسعية في المنطقة، ففكرة استنساخ المشروع الخميني بصيغة سنية إخوانية لم تعد تنطلي على الشعوب العربية ولا على سواها، لا سيما أن إرهاب حزب العدالة والتنمية قد دنس بعض الجغرافيا العربية، وأمعن في نزيف حمامات الدم دون رادع أخلاقي أو حضاري!. لعل القارئ الكريم قد شاهد مقطع الفيديو المتضمن لعناصر المخابرات التركية وهي تتخبأ بملابس الإحرام كتأدية طبيعية لمناسك العمرة، بينما هي تقترف الرفث والفسوق عندما تجرأت على قداسة المكان، ونعقت بين الصفا والمروة بشعارات القدس والقضية الفلسطينية غير عابئة بحرمة البيت الحرام من أجل تمرير برنامجها الدعائي والتخريبي في المنطقة، فغوغائية الصخب الذي أبداه المعتمرون الأتراك ينم عن كراهيتهم العنصرية تجاه العرب ويؤكد أن فلسطين في نظرهم ليست سوى أداة إعلامية لتأجيج مشاعر المخدوعين بالنظام التركي. كما أن الحصيف العاقل لا يشك أن زيارة أردوغان الأخيرة لدولة باكستان وتصرفه التمثيلي كخليفة للأمة الإسلامية تعكس لدينا الصورة المريبة التي تتخبأ وراء الطموحات التركية في إحياء العثمانية المنقرضة، وأقل ما يقال عن هذه الزيارة أنها صورة مستهجنة تستهدف إقامة العلاقات المريبة مع بعض القوى والأحزاب المتطرفة في إسلام أباد لتأسيس وخلق بيئة مناسبة للتغلغل التركي في داخل العمق الباكستاني!. أيضاً، ما يقترفه النظام التركي من جرائم إنسانية في حق الشعب السوري وافتعال الأزمات السياسية من أجل تفريغ جغرافيا الشمال السوري من سكانها الأصليين وإحلالهم بالأكراد الأتراك كجزء من خطة التوطين التركية للأرض السورية، وتطبيق واقعي لمنهجية التوسع في الأرض العربية، بالإضافة إلى تحقيق حلم الهيمنة على السيادة السورية وبسط سلطته على صناعة القرار كجزء من خرافة الوهم العثماني المزعوم! وأخيراً، يبدو أن تصاعد الوتيرة الشعبية الغاضبة في الداخل التركي ضد سياسة أردوغان ومنهجيته اللا واعية في التعامل مع مجريات الأحداث في المنطقة قد بدأت تتفاقم بين أوساط الشعب التركي لدرجة أن بعض السياسيين المقربين منه قد هددوا بالرحيل عنه، وطالبوه أن يقدم منهجية الأولوية في القرار التركي، بمعنى أن يلتفت للاقتصاد التركي المتراجع كثيراً، أو يحاول إنقاذ الليرة التركية المتهاوية بدلاً من إصراره العنجهي على تقمص دور الشرطي في المنطقة أو المقاول لتنفيذ فكرة بائدة لصالح الديموقراطيين الأميركان، وأعني المشروع الغبي، مشروع الشرق الأوسط الجديد!.