لكي لا تموت الحكايات في جوف الكلمات الصامتة، انتفض قلم «أسماء ناصر» وأعلنها صرخة، هو ذلك الفدائي الحر الممتطي صهوة البطولة إلى آخر العمر، في عينيه المتقدة وهج ثابت لا ينطفئ. فدائي عتيق.. آمال عتيقة.. انكر الواقع وحرس حلمه المولود في نبض الثورة، وساحة المعركة. لم يؤمن إلا في خيار نهائي.. لم تنتهي المعركة، وما زلت بالخندق يا عدنان. سرد يحاصر الأمل الذي بدأ كبيراً في بداية الطريق، وصغر في النهاية، وتقلص على أرض الوطن ، لخيار واحد، بعودة ناقصة رادوني شعور أن المنفى أجمل من الوطن، والأبطال يدفعون الثمن. وأن الهوية النضالية أكثر قيمة من الهوية الفلسطينية المكتسبة بعد العودة، كتب نبيل عمرو «يا عدنان احتفظ بمبادئك فنحن بحاجة لها» ثرى عدنان يتكلم، يلملم ذكرياته المبعثرة في ساحة المعركة، ويضعها أمانة في أعناق الأوفياء، لكي لا يُطمس التاريخ، ولا يُترك عدنان وحيداً، كانت أسماء وحيدة حين طبعت سيرته على نفقتها الخاصة، أسماء كانت وفية للفدائي والزوج ولتاريخ فلسطين، هو واجب تجاه الأبطال، الذين مهدوا لنا طريق العودة، وبناء الوطن، وإن لم يرضيهم. عدنان حرف من حروف التاريخ كتبه مع رفاقه بدماء الأبطال وأعمارهم. رحل عدنان وبقيت حكاية الفدائي العتيق درس للأجيال المتلاحقة. تتساءل أسماء هل ترانا نذكر شهداءنا في أزمنة الركمجة والتلون؟ فطريق الفدائي دليل العابرين إلى السماء، ليس لحكايته غير وجهة واحدة. يتذكرها عدنان فيتملكه الزهو، وسيان لديه، حياة أو شهادة، وردة أم رصاصة، هي عقيدة الثائر. عدنان أول معتقل في بلدة بيت أومر، ومن أوائل المعتقلين في الضفة، ولم يكن قد جاوز الثالثة والعشرين من عمره، عام 1967م، ثم ابعد إلى ألمانيا، وسجّل في ذاكرة فلسطين كأحد أوائل المبعدين فيها، قضى ثلاثين سنة منتزعاً من أرضه التي عشقها، وبذل نفسه في سلبيها إلى الأبد. يبقى السؤال «لماذا تركت الحصان وحيداً ؟» لكي يؤنس الحلم فالشهداء يموتون إن جفت دماء الأوفياء. اتركناك وحيداً يا عدنان! أم أنت من تركتنا لسماء ضبابية حالكة السواد.