تكشف المملكة للعالم عن سياستها الجديدة لمنظومة الطاقة وإداراتها في أعظم تحول وتحدٍ تخوضه صناعة النفط الخام والغاز في المملكة وما تعكف عليه حالياً، في أكبر معترك تكنولوجي تشهده صناعة النفط في العالم، من جهود جبارة لجعل النفط المصدر الآمن الموثوق الأكثر مواءمة واستدامة للبيئة، حيث تسعى المملكة لبرهنة ذلك من خلال برنامجها الوطني المتعلق بالاقتصاد الدائري المنخفض الكربون الذي تناقشه في استضافتها لفعاليات المؤتمر والمعرض الدولي لاحتجاز واستخدام وتخزين الكربون 2020 في الرياض خلال الفترة 25 - 26 فبراير الجاري وذلك برعاية وحضور وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الذي يحمل هذا الملف شخصياً على عاتقه ويناضل به في كافة أطروحاته المحلية والدولية وكان آخرها في منتدى دافوس الشهر الماضي الذي أنبهر مشاركوه بعظم توجه أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم، المملكة نحو الطاقة النظيفة ومصادرها الموثوقة طويلة الأمد. وقفزت المملكة إلى المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين في خفض انبعاثات الكربون من استهلاك الوقود، حيث نجحت في خفض انبعاثات الكربون بحوالي 4.4 في المئة أو 26 مليون طن في العام 2018، ليصل إلى 553 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في العام 2018، مقارنة ب 579 مليون طن في العام 2017، فيما أشارت التقديرات السابقة إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المئة فقط، أي ما يعادل 15 مليون طن، وفقاً لدراسة قدمها مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك" على هامش منتدى دافوس لمعالجة تغير المناخ وكيفية الحفاظ على كوكب الأرض. ويشير أحدث تحليل للمركز إلى أن موقع المملكة قفز من المركز الرابع إلى ثالث أسرع بلد في مجموعة العشرين يخفض الانبعاثات من استهلاك الوقود، حيث جاءت بعد البرازيل وفرنسا، ومتقدمة على ألمانيا واليابان، معززة المملكة مكانتها ضمن قائمة الدول الخمس في الحد من انبعاثات الكربون. وأشار التحليل أيضاً إلى أن معدل تحسين كثافة الطاقة في اقتصاد المملكة كان 5.5 في المئة في 2018، بينما كان المتوسط العالمي 1.2 في المئة فقط، وإن هذا الانخفاض في كثافة الطاقة كان مسؤولًا عن 81 في المئة من خفض الانبعاثات. ويتزامن هذا التراجع مع استضافة المملكة العربية السعودية لقمة مجموعة العشرين حيث سيكون لتغير المناخ الأسبقية على أولويات جدول أعمال المجموعة، والذي يعطي المملكة فرصة لإظهار دورها الرائد في هذه القضية. وساهمت ثلاثة عوامل في خفض الانبعاثات الكربونية، شملت انخفاض استهلاك الديزل والوقود، وكذلك النجاح في منع تهريب الوقود بطرق غير مشروعة. فيما كان هناك انخفاض في انبعاثات الكربون من قطاع النقل بأكثر من 10 ملايين طن، بسبب الانخفاض في الانبعاثات المتعلقة باستهلاك الديزل بنسبة 43 في المئة أو ما يعادل 19 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، الذي بلغ 24.5 مليون طن في 2018 من 43.5 مليون طن في العام 2017. وتستعرض المملكة في المؤتمر نجاحاتها وخططها في تمكين اقتصاد الكربون العالمي، والتشديد على القيمة التي يتمتع بها نظام تبادل حصص الكربون في تعزيز التعاون بين الشركات والدول وإغلاق الحلقات من خلال مؤشرات الأسعار والحوافز الاقتصادية وخفض التكاليف الإجمالية، وسيناقش المؤتمر سلسلة قضايا تتعلق باستراتيجيات المناخ والطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، ووجهات النظر الإقليمية والدولية والاقتصاد الكربوني الداكن وقيمة، مع التركيز على موضوع المؤتمر في خفض اقتصاد الكربون. وتشدد المملكة على نجاح منظومة الطاقة بتراجع مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار بلغ 15 مليون طن أو بمعدل 2,7 %، من 577 إلى 562 مليون طن في 2018، ويعد هذا أمراً بالغ الأهمية كونه أول تراجع كبير لمستويات الانبعاثات ناجم عن السياسة العامة في المملكة ويبرز أيضاً الكيفية التي تساعد بها خطط التحول الاقتصادي الخاصة برؤية 2030 لفك الارتباط بين النمو الاقتصادي وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.